للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أحسَبُ اليَدَ العُليا إلّا المُعطيةَ، ولا السُّفلى إلّا السّائلةَ، وإنِّي غيرُ سائلِكَ شيئًا، ولا رادٍّ رِزقًا ساقَهُ اللهُ إليَّ مِنكَ، والسَّلامُ (١).

وقد رَوَى عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "اليَدُ العُليا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفلى"، جماعةٌ من أصحابِهِ، منهُم: حَكيمُ بن حِزام (٢)، وأبو هريرةَ (٣). وهي آثارٌ صِحاحٌ كلُّها.

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: إباحَةُ الكلام للخَطيبِ بكلِّ ما يَصْلُحُ، مِمّا يكونُ مَوْعِظةً، أو عِلمًا، أو قُرْبةً إلى الله عزَّ وجلَّ.

وفيه: الحضُّ على الاكتِسْابِ والإنْفاقِ، ومعلُولم أنَّ الإنفاقَ لا يكونُ إلّا معَ الاكتِسابِ، وهذا كلُّهُ مُقيَّدٌ بقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أجْمِلُوا في الطَّلبِ، خُذُوا ما حَلَّ، ودَعُوا (٤) ما حَرُمَ".

وفيه: ذمُّ المسألةِ وعَيْبُها. وَيقْتضي ذلك حمدَ اليَأسِ، وذمَّ الطَّمَعِ فيما في أيدي الناسِ.

ذَكَر عبدُ الرَّزّاقِ، عن جعفرِ بن سُليمانَ، عن حُميدٍ الأعرج، عن عِكرِمَةَ بن خالدٍ، أنَّ سعدًا قال لابنِهِ حينَ حَضرهُ الموتُ: يا بُنيَّ، إنَّكَ لن تلقَى أحدًا هُو لكَ أنصَحَ مِنِّي، إذا أردتَ أن تُصلِّي، فأحسِنْ وُضُوءَكَ، ثُمَّ صلِّ صَلاةً لا تَرَى


(١) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٤/ ١٤٠، وأحمد في مسنده ٨/ ٥٠، و ١٠/ ٤٥٦ (٤٤٧٤، ٦٤٠٢)، وأبو يعلى (٥٧٣٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٥٤٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٣١/ ١٥٢، و ٣٦/ ٣٥٥، من طريق ابن عجلان، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٢٣٥ (٧٤٧٠).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢٤/ ٣٣ (١٥٣١٧)، والبخاري (١٤٢٧)، ومسلم (١٠٣٤)، والترمذي (٢٤٦٣)، والنسائي في المجتبى ٥/ ١٠١، وفي الكبرى ٣/ ٤٩ (٢٣٢٢)، وابن حبان ٨/ ١٤ (٣٢٢٠). وانظر: المسند الجامع ٥/ ٢١١ - ٢١٢ (٣٤٥٤، ٣٤٥٥).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ١٢/ ٦٩، و ١٣/ ١٦٧ (٧١٥٥، ٧٧٤١)، والبخاري (١٤٢٨، ٥٣٥٥)، والبزار في مسنده ١٤/ ٣٠٥ (٧٩٢٨)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٦٢، وفي الكبرى ٣/ ٥٠ - ٥١ (٢٣٢٥، ٢٣٢٦)، وابن خزيمة (٢٤٣٦)، وابن حبان ٨/ ١٤٩ (٣٣٦٣). وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٦٧ - ٦٨ (١٣٣٠٧).
(٤) في د ٤: "اتركوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>