للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُروى: ما دامتِ الشمسُ حيّة (١)، وحياتُها حرارتُها، وما لم تَدخُلْها صُفرةٌ (٢). فإذا اصْفَرَّتِ الشمسُ ودنتْ للغروب، خرَج الوقتُ المحمودُ المُستحَبُّ المُختارُ، ولَحِقَ مُؤخِّرَها من غيرِ عُذْرٍ إلى ذلك الوقتِ الذمُّ؛ لحديثِ العلاءِ بنِ عبدِ الرَّحمن، عن أنس، عن النبيِّ عليه السلامُ: "تلك صلاةُ المُنافقين، يُمهِلُ أحدُهم حتى إذا اصفَرَّتِ الشمسُ، قام فنقَرها أربعًا لا يذكرُ اللَّهَ فيها إلَّا قليلًا" (٣)، يَعيبُهم بذلك -صلى اللَّه عليه وسلم-. ومع هذا، فإنا لا نُبعِدُ أنْ يكونَ مَن أدْركَ منها ركعةً قبلَ غُروبِ الشمس، أنْ يكونَ مُدرِكًا لوقتِها، لحديثِ أبي هريرةَ، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك. وحديثُ أبي هريرةَ أصَحُّ إسْنادًا، وأقوى عندَ أهلِ العلم بالحديث، من حديثِ العلاء، وحديثُ العلاءِ لا بأسَ به.

وقد ذكَرْنا أقاويلَ الفقهاءِ في آخرِ وقتِ العصر، في بابِ زيدِ بنِ أسْلَمَ، عندَ قولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أدركَ رَكْعةً من العصرِ قبلَ أنْ تَغرُبَ الشمسُ، فقد أدْرَكَ العصرَ" (٤). وذكَرنا مذاهبَ العلماءِ في تأويلِ هذا الحديثِ هناك، والحمدُ للَّه،


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٣/ ١٢ (١٩٧٦٧)، والبخاري (٥٩٩)، ومسلم (٦٤٧)، وأبو داود (٤٨٤٩)، وابن ماجة (٦٧٤) و (٧٠١)، والنسائي (٤٩٥) من حديث أبي المنهال سيّار بن سلامة الريّاحي، عن أبي برزة الأسلمي رضي اللَّه عنهما.
ويُروى من حديث محمد بن عمرو بن الحسن بن علي، عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما، أخرجه أحمد في المسند ٢٣/ ٢٢٢ (١٤٩٦٩)، والبخاري (٥٦٠)، ومسلم (٦٤٦)، والنسائي (٥٢٧).
(٢) في ق: "وقيل صفاء لونها قبل أن تصفر أو تتغير"، وكتب ناسخ الأصل في الحاشية: "وقيل نقاء لونها" في نسخة بدلًا من "وما لم تدخلها صفرة"، والمثبت من الأصل.
(٣) أخرجه مالكٌ في الموطّأ ١/ ٣٠٢ (٥٨٦) عن العلاء بن عبد الرحمن، به.
وأخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٤٩ (١٢٥٥٩)، وأبو داود (٤١٣) من طريق مالك، به.
وهو الحديث الأول للعلاء بن عبد الرحمن، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٤) هو الحديث الخامس لزيد بن أسلم، وهو في الموطّأ ١/ ٣٦ (٥)، وسيأتي تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>