للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ترتِيبُ هذه الأحادِيثِ كلِّها، المذكُورة في هذا البابِ وتَهذِيبُها، باستِعمال حديثِ أبي لُبابةَ، والاعتِمادِ عليه، فإنَّ فيه بيانًا لنَسْخِ قَتْلِ حيّاتِ البُيُوتِ، وأنَّ (١) ذلك كان بعدَ الأمرِ بقَتْلِها جُملةً، وفيه استِثناءُ ذي الطُّفْيتَينِ والأبْتَرِ، فهُو حديثٌ مُفسَّرٌ، لا إشكالَ فيه لمن فهِمَ وعلِمَ، وبالله التَّوفيقُ.

ومِمّا يدُلُّك على ذلك: أنَّ ابن عُمرَ كان قد سمِعَ من النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الأمرَ بقتلِ الجِنّانِ جُملةً، فكانَ يقتُلُهُنَّ حيثُ وجَدَهُنَّ، حتّى أخبَرهُ أبو لُبابةَ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى بعدَ ذلك عن قتلِ عَوامِرِ البُيُوتِ منهُنَّ، فانْتَهى عبدُ الله بن عُمرَ، ووقفَ عندَ الآخِرِ من أمرِ -صلى الله عليه وسلم- على حَسَبِ ما أخبَرهُ أبو لُبابةَ، وقد بانَ ذلك في رِوايةِ أُسامةَ بن زيدٍ، وغير، عن نافع، على حَسَبِ ما تقدَّمَ في هذا البابِ.

وحدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ المُؤمِنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٢): حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عنِ الزُّهرِيِّ، عن سالم، عن أبيه، أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اقتُلُوا الحيّاتِ، وذا الطُّفيتينِ، والابتَرَ، فإنَّهُما يَلْتمِسانِ البصَرَ، ويُسقِطانِ الحَبَلَ". قال: وكان عبدُ الله (٣) يقتُلُ كلَّ حيّةٍ وجَدَها، فأبْصَرَهُ أبو لُبابةَ، أو زيدُ (٤) بن الخطّابِ، وهُو يُطارِدُ حيّةً، فقال: إنَّهُ قد نُهِيَ عن ذَواتِ البُيُوتِ.


(١) في د ٤: "فإن"، وفي م: "لأن".
(٢) في سننه (٥٢٥٢). وأخرجه أحمد في مسنده ٨/ ١٥٩ (٤٥٥٧)، ومسلم (٢٢٣٣) (١٢٨)، والبزار في مسنده ١٢/ ٢٥٨ (٦٠١٩)، وأبو يعلى (٥٤٩٣)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٣٧٥ (٢٩٣٠)، وابن حبان ١٢/ ٤٦٢ (٥٦٤٥) من طريق سفيان، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٦١٥ - ٦١٦ (٧٩٦٨).
(٣) زاد هنا في ف ٣: "بن عمر".
(٤) في ف ٣: "وزيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>