للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن نافع، عنِ القاسم بن محمدٍ، عن عائشةَ، أنَّها أخبرتهُ: أنَّها اشْترَتْ نُمرُقةً فيها تصاوِيرُ، فلمّا رآها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قامَ على الباب، فلَمْ يدخُلْ، فعرَفَتْ في وجهِهِ الكَراهِيةَ، وقالت: يا رسُولَ الله، أتُوبُ إلى الله (٢)، ماذا أذْنَبتُ؟ فقال رسُولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: "ما بالُ هذه النُّمرُقةِ؟ ". قالتِ: اشْتَريتُها، لتَقْعُد عليها وتَوسَّدَها، فقال رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أصحابَ هذه الصُّورِ يومَ القِيامةِ يُعذَّبُون، يُقالُ لهم: أحْيُوا ما خَلَقْتُم". وقال-صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ البيتَ الذي فيه الصُّورُ، لا تدخُلُهُ الملائكةُ".

قال أبو عُمر: النُّمرُقةُ: الوِسادةُ.

وقال الخليلُ (٣): والنُّمرُوقُ: الوِسادةُ أيضًا.

وهذا الحديثُ يَقْتضِي تحرِيمَ استِعمالِ ما فيه التَّصاوِيرُ من الثِّيابِ، وامتهانَها (٤)، والاستِمتاع بها، في ثوبٍ كانت أو غيرِ ثَوْبٍ، كان الثَّوبُ مِمّا يُوطَأُ أو لم يكُن؛ لأنَّ النُّمرُقةَ مِمّا يُوطَأُ ويُمتَهَنُ، وقد وردَ فيها ما رأيتَ في هذا الحديثَ (٥)، ولم يخُصَّ بيتًا فيه نوعُ تصاويرَ من نَوْع ما، ولا في مَوْضِع ما، ولا خَصَّ ثوبًا من ثَوْبٍ، وحُكمُ كلِّ ثوبٍ، حُكمُ النُّمرُقةِ.

وليسَ في شيءٍ من أحادِيثِ هذا البابِ، أحسنُ إسنادًا من هذا الحديثِ.

وقد رَواهُ الزُّهرِيُّ، عنِ القاسم بن محمدٍ، عن عائشةَ، مِثله (٦) سواءً. إلّا أنَّهُ


(١) الموطأ ٢/ ٥٥٨ (٢٧٧٣).
(٢) في الموطأ: "وإلى رسوله".
(٣) العين ٥/ ٢٦٥.
(٤) في م: "وأمثالها".
(٥) في م: "الباب".
(٦) قوله: "مثله" لم يرد في د ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>