والإسنادُ الذي يجِبُ العملُ به في هذا الحديثِ، وتقُومُ به الحُجّةُ، إسنادُ مالكٍ في ذلك، وبالله التَّوفيقُ.
واختلفَ العُلماءُ في المعنى المقصُودِ بهذا الحديثِ.
فقالت طائفةٌ: إنَّما عَنَى رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بقولِه:"الذي يشرَبُ في آنِيةِ الفِضّةِ، إنَّما يُجرجِرُ في بطنِهِ نار جَهنَّمَ": المُشرِكِينَ الذين كانوا يشربُونَ فيها، فأخبرَ عنهُم، وحذَّرنا أن نفعلَ مِثلَ ذلك من فِعْلِهِم، وأن نتشبَّه بهم.
وقال آخرُونَ: كلُّ من علِمَ بتحرِيم رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- الشَّرابَ في آنِيةِ الفِضّةِ، ثُمَّ يشربُ فيها، استوجَبَ النّار، إلّا أن يعفُوَ اللهُ عنهُ، بما ذكَرَ من مَغفِرتِهِ لمن يشاءُ، مِمَّن لا يُشرِكُ به شيئًا.
وأجمعَ العُلماءُ، على أنَّهُ لا يجُوزُ الشُّربُ بها.
واختلفُوا في جَوازِ اتِّخاذِها، فقال قومٌ: تُتَّخذُ، كما يُتَّخذُ الحرِيرُ والدِّيباجُ، وتُزكَّى ولا تُستعملُ.
وقال الجُمهُورُ: لا تُتَّخذُ ولا تُستعملُ، ومنِ اتَّخذها زكّاها.
وأمّا الجرجرةُ في كلام العربِ، فمعناها: هَدِيرٌ يُردِّدُهُ الفحلُ، ويُصوِّتُ به، ويُسمَعُ من حلقِهِ.
والمقصُودُ ها هنا إلى صوت جَرْعِهِ إذا شرِبَ. قال الشّاعِرُ، يصِفُ فحلًا من الإبِل: