للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نعلمُ خِلافًا بين عُلماءِ الأمصارِ، في جَوازِ تختُّم الذَّهَبِ للنِّساءِ، وفي ذلك ما يدُلُّ على أنَّ الخبرَ المروِيَّ من حديثِ ثوبانَ، ومن حديثِ أُختِ حُذيفةَ، عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، في نهيِ النِّساءِ عنِ التَّختُّم بالذَّهبِ، إمّا أن يكونَ منسُوخًا بالإجماع وبأخبارِ العُدُولِ في ذلك، على ما قدَّمنا ذِكرهُ في حديثِ نافع، أو يكونَ غيرَ ثابتٍ.

فأمّا حديثُ ثوبانَ، فإنَّهُ يروِيهِ يحيى بن أبي كثِيرٍ، قال: حدَّثنا أبو سلّام، عن أبي أسماءَ الرَّحبِيِّ، عن ثوبانَ (١). ولم يسمعهُ يحيى من (٢) أبي سلّام، ولا يصِحُّ.

وأمّا حديثُ أُختِ حُذَيفةَ، فيروِيهِ منصُورٌ، عن رِبعِيِّ بن حِراشٍ (٣)، عنِ امرأتِهِ، عن أُختِ حُذَيفةَ، قالت: قامَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فحمِدَ الله، وأثْنَى عليه، ثُمَّ قال: "يا معشَرَ النِّساءِ، أمَا لكُنَّ في الفِضّةِ ما تَحلَّينهُ، أما إنَّكُنَّ ليسَ منكُنَّ امرأةٌ تَحَلَّى ذَهَبًا تُظهِرُهُ، إلّا عُذِّبت به" (٤).

والعُلماءُ على دَفْع هذا الخبرِ؛ لأنَّ امرأةَ رِبعِيٍّ مجهُولةٌ، لا تُعرَفُ بعدالةٍ.

وقد تأوَّلهُ بعضُ من يَرى الزَّكاةَ في الحُليِّ، من أجلِ مَنع الزَّكاةِ منهُ، إن مُنِعت، ولو كان ذلك لَذُكِرَ، وهُو تأوِيلٌ بعِيدٌ.


(١) أخرجه الطيالسي (١٠٨٣)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٥٨، وفي الكبرى ٨/ ٣٥٥ (٩٣٧٨)، والحاكم في المستدرك ٣/ ١٥٢ - ١٥٣، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٢/ ٣٠١ - ٣٠٢ (٤٨١٢) من طريق يحيى بن أبي كثير، به. وأخرجه إسحاق بن راهوية ٥/ ١٠ (٢١٠٦)، وأحمد في مسنده ٣٧/ ٨٣ (٢٢٣٩٨)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٥٨، وفي الكبرى ٨/ ٣٥٥ (٩٣٧٨)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٤١، من طريق يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، به. وانظر: المسند الجامع ٣/ ٣٣٣ - ٣٣٤ (٢٠٤٦).
(٢) في الأصل، م: "بن"، خطأ، انظر: قول المصنف قبله.
(٣) في م: "بن خراش". انظر: تهذيب الكمال ٩/ ٥٤، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٣/ ١٥٨.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ٣٨/ ٣٩٥ (٢٣٣٨٠)، والدارمي (٢٦٤٥)، وأبو داود (٤٢٣٧)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٥٦ - ١٥٧، وفي الكبرى ٨/ ٣٥٤ (٩٣٧٥، ٩٣٧٦/ ١، ٩٣٧٦/ ٢)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ٢٤٢ (٦١٨) من طريق منصور، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٤٩٠ (١٧٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>