للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يُقالُ له: مَوْلَى أبي طَلْحَة. وهو مِن تابِعِي أهْلِ المدينة، ثِقَةٌ فيما نقَلَ وحَمَلَ، وحَدِيثُه هذا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ صحيح.

وفيه مِنَ الفِقْهِ: أنَّ على مَن سَمِعَ الخطابَ، أنْ يستعمِلَه على عمومِه، إذا لم يَبْلُغْه شيءٌ يخُصُّه، لأنَّ أبا أيُّوبَ سمِعَ النَّهْيَ مِن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنِ اسْتِقْبالِ القِبْلَةِ واسْتِدْبارها بالبَوْل والغائطِ مُطْلَقًا غيرَ مُقَيَّدٍ بشَرْطٍ ففَهمَ منه العُموم، فكان يَنْحَرِفُ في مَقاعِدِ البُيوتِ، ويَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أيضًا، ولم يَبْلُغْه الرُّخْصةُ التي روَاها ابنُ عمرَ (١) وغيرُه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في البُيوت.

أخبَرنا أبو محمدٍ عبدُ اللَّه بنُ محمدِ بنِ عبدِ المُؤْمِن، قال: أخبَرنا محمدُ بنُ يحيَى بنِ عمرَ الطَّائي، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ حَرْبٍ الطَّائي، قال: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينة، عنِ الزُّهريِّ، عن عَطَاءِ بنِ يَزِيدَ اللَّيْثِي، عن أبي أيُّوبَ، يَبْلُغُ بهِ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ وبَوْلٍ، ولا تَسْتَدْبِرُوها". قال أبو أيُّوبَ: فقَدِمْنَا الشَّامَ، فوَجَدْنا مَراحِيضَ قد بُنِيَتْ قِبَلَ القبلَةِ، فنَنْحَرِفُ عنها، ونَسْتَغْفِرُ اللَّه (٢). وهكذا يجبُ على كُلِّ مَن بلَغَه شئٌ أنْ يَسْتَعْمِلَه على عُمُومِه، حتى يَثْبُتَ عندَه ما يَخُصُّه أو يَنسَخُهُ.

أخبَرنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسِمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حدَّثنا


= عن إسحاق: هو مولى الشفاء، وكان يقول: مولى أبي طلحة الأنصاري، سمع أبا أيوب الأنصاري وأبا سعيد الخدري. يُعَدُّ في أهل المدينة".
والحديث عند أحمد في المسند ٣٨/ ٥٣٩ (٢٣٥٥٩)، والطبراني في الكبير ٤/ ١٤١ (٣٩٣٢) من طريق حمّاد بن سلمة، به. ولم يذكر فيه: "مولى أبي أيوب".
(١) سيأتي حديثه مع تخريجه في أثناء هذا الشرح.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣٨/ ٥٥٢ (٢٣٥٧٩)، والبخاري (٣٩٤)، ومسلم (٢٦٤)، وأبو داود (٩)، والترمذي (٨)، والنسائي (٢١)، وفي الكبرى ١/ ٨١ (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>