للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَقِيقةِ، فلا وجهَ لهُ عِندِي، إلّا أن يرُدَّهُ إلى هذا المعنى، وقد جاءَ ذِكْرُ ذلك مُفسَّرًا، في غيرِ مَوْضِع من كِتابِنا هذا، والحمدُ لله.

وأمّا قولُهُ: "وصُفِّدت فيه الشَّياطِينُ" أو "سُلسِلَتْ فيه الشَّياطِينُ"، فمعناهُ عِندِي، واللهُ أعلمُ، أنَّ اللهَ يَعصِمُ فيه المُسلِمِينَ، أو أكثرَهُم في الأغلَبِ من المعاصِي، فلا تخلُصُ إليهم فيه الشَّياطِينُ، كما كانوا يخلُصُونَ إليه منهُم في سائرِ السَّنةِ.

وأمّا الصفْدُ، بتخفِيفِ الفاءِ، في كلام العَربِ، فهُو الغُلُّ، فعَلَى هذا سواءٌ قولُه (١): صُفِّدتِ الشَّياطِينُ، أو سُلسِلَتِ الشَّياطِينُ. يُقالُ: صفَّدتُهُ، أُصفِّدُهُ صَفْدًا وصُفُودًا، إذا أوثقتُهُ، والاسمُ الصِّفادُ، والصِّفادُ أيضًا: حَبْلٌ يُوثَقُ به، وهُو الصَّفَدُ أيضًا، والجمعُ أصفادٌ، والصَّفَدُ: الغُلُّ.

وفي غيرِ هذا المعنى الصَّفَدُ: العَطاءُ، يُقالُ منهُ: أصْفَدتُ (٢) الرَّجُلَ، إذا أعطيتَهُ مالًا.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ وأحمدُ بن قاسم، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن أبي أُسامةَ، قال (٣): حدَّثنا يزِيدُ بن هارُونَ، قال: أخبرنا هشامُ بن أبي هشام، عن محمدِ بن محمدِ بن الأسودِ، عن أبي سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أُعطِيَتْ أُمَّتِي خمسَ خِصالٍ في رمضانَ، لم تُعطَهُنَّ أُمّةٌ قبلها: خُلُوفُ فم الصّائم أطيَبُ عندَ الله من


(١) في م: "قول".
(٢) في د ٤: "صفدت"، مجرّدًا، والمثبت من بقية النسخ، وهو الصواب كما في (صفد) من اللسان.
(٣) أخرجه الحارث في مسنده (٣١٦، بغية الباحث). وأخرجه أحمد في مسنده ١٣/ ٢٩٥ (٧٩١٧)، والبزار في مسنده ١٥/ ١٨٩ (٨٥٧١)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ١٢ (٣٠١٣)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٦٠٢) من طريق يزيد بن هارون، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ١٤٤ (١٣٤٢٨). وإسناده ضعيف جدًا، محمد بن محمد بن الأسود الزهري مجهول الحال كما في تحرير التقريب ٣/ ٣١٣، والراوي عنه هشام بن أبي هشام، وهو هشام بن زياد بن أبي يزيد متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>