للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهرَ من اثْنَي عشَرَ شهرًا؟ قال: "اللَّهُمَّ نعم". قال: وأنشُدُكَ باللَّه، آللَّهُ أمركَ أن نحُجَّ هذا البيتَ منِ استطاعَ إليه سبِيلًا؟ قال: "اللَّهُمَّ نعم". قال: فإنِّي آمنتُ وصدَّقتُ، وأنا ضِمامُ بن ثَعْلبةَ.

قال أبو عُمر: قولُهُ في هذا الحديثِ: الأمغرُ المُرتفِقُ. يُرِيدُ الأبيض المُتَّكِئَ، والأمغرُ: هُو الذي يشُوبُ بياضَهُ حُمرةٌ.

وأصلُ الأمغرِ: الأبيضُ الوَجْهِ والثَّوبِ، وقد يكونُ الأحمرُ، كِنايةً عنِ الأبيضِ، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بُعِثتُ إلى الأحمرِ والأسودِ" (١). يُرِيدُ الأبيضَ والأسودَ.

وفي خَبرِ ضِمام هذا، دليلٌ على أنَّ فرضَ الحجِّ قد كان تقدَّمَ قبلَ وقتِ وِفادتِهِ على النَّبيِّ عليه السَّلامُ، وأنَّ ذلك قد كان اشتهَرَ، وانتشرَ في قَبائلِ العربِ، وظهَرَ ظُهُور الصَّلاةِ، والزَّكاةِ، التي كان يخرُجُ فيها السُّعاةُ (٢) إليهمْ، ويأخُذُونها منهُم على مِياهِهِم.

وكظُهُورِ صوم شهرِ رمضانَ؛ لأنَّهُ على ذلك كلِّهِ وقَفهُ وسألهُ عنهُ، لتقدُّم عِلْم ضِمام بأنَّ ذلك كلَّهُ دِينُهُ الذي بُعِثَ به، وإليه (٣) يدعُو، وأنَّهُ الإسلامُ، ومَعانِيهِ وشرائعُهُ التي كان يُقاتِلُ من أبَى منها.

وقد رَوَى هذا الحديثَ أنسُ بن مالكٍ، وعبدُ اللَّه بن عبّاسٍ بأكملِ سِياقِهٍ من حديثِ طَلْحةَ، ومن حديثِ أبي هريرةَ أيضًا.

حدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن


(١) سيأتي بإسناده من حديث أبي ذر، وانظر تخريجه في شرح الحديث الرابع والخمسين لأبي الزناد، وهو في الموطأ ١/ ١٩١ (٥٦٦).
(٢) في م: "السعادة".
(٣) في م: "إليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>