للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيل: إنَّ السَّلامَ في هذه الأحادِيثِ، أُرِيدَ به السَّلامُ من الصَّلاةِ. والقولُ الأوَّلُ أكثرُ.

وقدِ اختلَفَ العُلماءُ في وُجُوبِ التَّشهُّدِ، وفي ألفاظِهِ، وفي وُجُوبِ السَّلام من الصَّلاةِ، وهل هُو واحِدةٌ أوِ اثنتانِ؟ ولستُ أعلمُ في "المُوطَّأ" من حديثِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- موضِعًا، أولى بذِكرِ ذلك من هذا الموضِع.

فأمّا التَّشهُّدُ، فإنَّ مالكًا وأصحابهُ ذَهَبُوا فيه، إلى ما رواهُ في "مُوطَّئِهِ" (١) عنِ ابنِ شِهاب، عن عُروةَ بن الزُّبيرِ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن عبدٍ القاريِّ، أنَّهُ سمِعَ عُمرَ بن الخطّابِ وهُو على المِنْبرِ يُعلِّمُ النّاس التَّشهُّد يقولُ: قولُوا: التَّحِيّاتُ للَّه، الزّاكياتُ للَّه الطَّيِّباتُ، الصَّلواتُ للَّه، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللَّه وبركاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ اللَّه الصّالحِينَ، أشْهَدُ أن لا إلَه إلّا اللَّه وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عَبدُهُ ورسُولُهُ.

وأمّا الشّافعيُّ فذهَبَ في التَّشهُّدِ إلى حديثِ اللَّيثِ، عن أبي الزُّبيرِ، عن سعِيدِ بن جُبَيرِ وطاوُوسٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُعلِّمُنا التَّشهُّدَ كما يُعلِّمُنا السُّورةَ من القُرآنِ، قال: "إذا جلَسَ أحدُكُم في الرَّكعتينِ، أو في الأرْبَع، فليقُل: التَّحِيّاتُ المُبارَكاتُ الصَّلواتُ الطَّيِّباتُ للَّه، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللَّه وبَرَكاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ اللَّه الصّالحِينَ، أشْهَدُ أن لا إلَهَ إلّا اللَّه وَحْدهُ لا شرِيكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ".

رواهُ الشّافعيُّ (٢)، عن يحيى بن حسّانَ، أنَّهُ أخبَرهُ به عنِ اللَّيثِ، بإسنادِهِ.


(١) الموطأ ١/ ١٤٤ (٢٤٠).
(٢) في الأم ١/ ١١٧، وفي المسند ٤٢. وأخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٤٠٧ (٢٦٦٥)، ومسلم (٤٠٣) (٦٠)، وأبو داود (٩٧٤)، وابن ماجة (٩٠٠) والترمذي (٢٩٠)، والبزار في مسنده ١١/ ٢٦٠ (٥٠٤٧)، والنسائي في المجتبى ٢/ ٢٤٢، وفي الكبرى ١/ ٣٧٩ (٧٦٤)، وابن خزيمة (٧٠٥)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>