للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنَّه انْفَرَدَ به خالدُ بنُ أبي الصَّلْتِ، عن عِرَاكِ بنِ مالِكٍ، عن عائشةَ، وقال في حديثِ ابنِ عمرَ: إنَّما فيه نَسْخُ اسْتِقْبالِ بيتِ المقدسِ واستدبارِه بالغائطِ والبَوْلِ. قال: هذا الذي لا أشُكُّ فيه، وأشُكُّ في الكَعْبَةِ.

وذكَرَ الأثْرَمُ، عن أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ رحِمَه اللَّهُ، أنَّه قال: مَن ذَهَبَ إلى حديثِ عائشَةَ -يعْني حديثَ خالدِ بنِ أبي الصَّلْتِ- فإنَّ مَخْرَجَه حسَنٌ، ولكنَّه يُعْجِبُنِي أنْ يتَوَقَّى القِبْلَةَ، وأمَّا بيتُ المقدِس، فليس في نَفْسي منه شيءٌ، أنَّه لا بَأْسَ به (١).

وقال آخَرُون: جائزٌ استقبالُ القِبْلَةِ وبَيْتِ المقدسِ على كُلِّ حالٍ، واستدبارُهما بالبَوْلِ والغائِطِ في الصَّحارِي وفي البُيوت. وذكَرُوا حديثَ جابِرٍ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن استقبالِ القِبْلَةِ واستدبارِها بالبَوْلِ والغَائِطِ، قال: ثم رأيْتُه بَعْدَ ذلكَ يستقبِلُ القبلةَ ببَوْلِه قَبْلَ مَوْتِه بعام.

رواه محمدُ بنُ إسْحاقَ، عن أبانَ بنِ صالح، عن مجاهدٍ، عن جابر (٢).


(١) إلّا أن الأثرم نفسه ذكر عن أحمد إنكاره لحديث عائشة هذا، فقد أخرج ابن أبي حاتم في المراسيل ص ١٦٢ (٦٠٦) بإسناده إلى أحمد بن محمد بن هانئ (يعني الأثرم) قوله: "سمعت أبا عبد اللَّه، وذكر حديث خالد بن الصلت، عن عراك بن مالك، عن عائشة رضي اللَّه عنها، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: حوِّلوا مقعدي إلى القِبْلة. فقال: مرسلٌ، فقلت له: عراك بن مالك قال: سمعت عائشة رضي اللَّه عنها، فأنكره وقال: عراك بن مالكٍ من أين سمع عائشة، ما له ولعائشة؟! إنما يروي عن عروة. هذا خطأٌ، قال لي من روى هذا. قلت: حمّاد بن سلمة، عن خالدٍ الحذّاء؟ فقال: رواه غير واحد عن خالد الحذّاء، ليس فيه سمعت، وقال غير واحد عن حمّاد بن سلمة ليس فيه سمعتُ". وينظر تهذيب التهذيب ٧/ ١٧٣، ١٧٤. وحديث عراكٍ سيأتي بإسناد المصنف مع تخريجه قريبًا.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٣/ ١٥٧ (١٤٨٧٢)، وأبو داود (١٣)، وابن ماجة (٣٢٥)، والترمذي (٩)، وابن الجارود في المنتقى (٣١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٣٤ (٦٥٩٧)، وابن خزيمة في صحيحه (٥٨)، وابن حبّان في صحيحه ٤٥/ ٢٦٨ (١٤٢٠)، والدارقطني في سننه ١/ ٩٣ (١٦٢)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٥٤، والبيهقي في الكبرى ١/ ٩٢ (٤٤٩). ورجال إسناده ثقات. وقد صرّح فيه ابن إسحاق بالتحديث كما في المصادر، فانتفت شُبهة تدليسه، على أنَّ الإمام الترمذي اقتصر على تحسينه، فقال: حسن غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>