للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تقدَّمَ القولُ مُستَوعَبًا في غُسلِ الجُمُعةِ، وما في ذلك من الآثارِ والمعاني، للسَّلفِ من العُلماءِ والخلفِ منهُم، في بابِ ابنِ شِهابٍ عن سالم، من هذا الكِتابِ، فلا وجهَ لإعادتِهِ هاهُنا.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: "واجِبٌ" فظاهِر الوُجُوبُ، الذي هُو الفرضُ.

وليسَ كذلك، لآثارٍ وردَتْ تُخرِجُ هذا اللَّفظَ عن ظاهِرِهِ، إلى معنى السُّنّةِ والفَضْل.

وقد ذكَرْناها في بابِ ابنِ شِهاب، عن سالم، عندَ قولِ عُمرَ لعُثمانَ (١): الوُضُوءُ أيضًا وقد عَلِمتَ أَنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمُرُ بالغُسلِ (٢).

وقد يحتَمِلُ أن يكونَ قولُهُ في هذا الحديثِ: "واجِبٌ". أي: وُجُوبَ السُّنّةِ، أو واجِبٌ في المروءة (٣)، أو واجِبٌ في الأخلاقِ الجَمِيلةِ، كما تقولُ العربُ: وجَبَ حقُّكَ. وليسَ على أنَّ ذلك واجِبٌ فرضًا.

ومِن الدَّليلِ على ما قُلناهُ في معنى هذا الحديثِ، وما تأوَّلنا فيه، وهُو مع ذلك قولُ أكثرِ أهلِ العِلم، وإليه ذهَبَ أئمّةُ الفتوَى في أمْصارِ المُسلِمِينَ:

ما حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ وسعِيدُ بن نَصْرٍ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن رَجاءٍ، قال: أخبرنا همّامُ، عن قَتادةَ، عنِ الحَسَنِ، عن سَمُرةَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من تَوضَّأ يومَ الجُمُعةِ، فبِها ونِعمَتْ، ومنِ اغتسَلَ، فالغُسلُ (٤) أفضَلُ" (٥).


(١) سقط من د ٤.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٥٧ (٢٦٨).
(٣) قوله: "أو واجبٌ في المروءة" لم يرد في م.
(٤) في د ٤: "فهو".
(٥) سلف في شرح الحديث التاسع لابن شهاب، عن سالم، وهو في الموطأ ١/ ١٥٧ (٢٦٨). وانظر تخريجه هناك، وسيأتي لاحقًا بإسناد المؤلف من طريق ابن الجارود أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>