للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن صَيْفيٍّ أبي سَعيدٍ مولى الأنصارِ، عن أبي السّائبِ، أَنَّهُ قال: أتَيْنا أبا سَعيدٍ الخُدريَّ، فبَيْنا أنا عندَه جالِسٌ سَمِعتُ تحتَ سَريرِهِ تحرُّكَ شيءٍ، فنَظرتُ، فإذا حيّةٌ، فقُمتُ، فقال أبو سعيدٍ: ما لكَ؟ فقلتُ: حيّةٌ هاهُنا. قال: فتُريدُ ماذا؟ قال: قلتُ: أُريدُ قتلَها، قال: فأشارَ إلى بيتٍ في دارِهِ، تِلقاءَ بَيْتِهِ، وقال: إنَّ ابنَ عمٍّ لهُ كان في هذا البيتِ، فلمّا كان يومُ الأحزابِ، استأذنَ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أهلِهِ، وكانَ حديثَ عَهْدٍ بعُرسٍ، فأذِنَ لهُ، وأمرَهُ أن يذهَبَ بسِلاحِهِ معهُ، فأتَى دارهُ، فوجَدَ امرأتهُ قائمةً على بابِ البيتِ، فأشارَ إليها بالرُّمح، قالت: لا تَعْجَلَ حتّى تنظُرَ ما أخْرَجني، فدخَلَ البيتَ، فإذا حيّةٌ مُنكرةٌ، فطعَنها (١) بالرُّمح، ثُمَّ خرجَ بها في الرُّمحِ تَرْتكِضُ، فلا أدري أيُّهُما كان أسرَعَ موتًا، الرَّجُلُ أوِ الحيّةُ؟ فأتَى قومُهُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: ادعُ اللَّهَ أن يرُدَّ صاحِبنا، فقال: "اسْتَغفِرُوا لصاحِبِكُم". ثُمَّ قال: "إنَّ نَفرًا من الجِنِّ بالمدينةِ أسْلَمُوا، فإذا رأيتُم أحدًا منهُم، فحذِّرُوهُ ثلاثةَ أيام، ثُمَّ إن بَدا لكُم أن تقتُلُوهُ فاقتُلُوهُ" (٢).

قال أبو عُمر: رِوايةُ اللَّيثِ لهذا الحديثِ عنِ ابنِ عَجْلانَ، كرِوايةِ مالكٍ في إسنادِهِ ومعناهُ، ولا يضُرُّ اخْتِلافُهُما في ولاءِ أبي سعيدٍ صيفيٍّ، إذ قال مالكٌ: مولى ابنِ أفلَحَ. وقال فيه اللَّيثُ: عنِ ابن عَجْلانَ، عن صيفيٍّ مولى الأنصارِ. وكذلك هُو مولى الأنصارِ، إلّا أنَّهُ لم يَحفَظْ لمن ولاؤُهُ من الأنْصارِ.

وقد جوَّدهُ مالكٌ في قولِهِ: مولى ابنِ أفلح، وكذلك من قال فيه: مولى أفلَحَ؛ لأنَّ أفلَحَ مولى أبي أيُّوب الأنصاريِّ.

وأمّا قولُ ابنِ عُيينةَ، عنِ ابنِ عَجْلانَ، عن صَيفيٍّ مولى أبي السّائبِ، فلم يصنَعْ شيئًا، ولم يُقِم الإسنادَ، إذ جَعلَهُ مولى أبي السّائبِ، عن رجُلٍ، وإنَّما هُو مولى ابنِ أفلَحَ،


(١) في م: "فقطعها".
(٢) أخرجه أبو داود (٥٢٥٧)، والنسائي في الكبرى ٩/ ٣٥٦ (١٠٧٤٠) من طريق الليث، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>