للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالكٌ: أحَبُّ إليَّ أن تُنذَرَ عوامِرُ البُيُوتِ بالمدينةِ وغيرِها ثلاثةَ أيام، ولا تُنذرن في الصَّحاري (١).

قال أبو عُمر: العِلّةُ الظّاهِرةُ في الحديثِ إسلامُ الجِنِّ، واللَّه أعلمُ، إلّا أنَّ ذلك شيءٌ لا يُوصَلُ إلى شيءٍ من مَعرِفتِهِ، والأولى أن تُنذَر عَوامِرُ البُيُوتِ كلِّها، كما قال مالكٌ.

والإنذارُ: أن يقولَ الذي يرى الحيّةَ في بيتِهِ: أُحرِّجُ عليكِ أيَّتُها الحيّةُ باللَّه واليوم الآخِرِ، أن تَظْهر (٢) لنا، أو تُؤذينا.

وقد رَوَى عِبادُ بن إسحاقَ، عن إبراهيمَ بن محمدِ بن طلحةَ، عن سعدِ بن أبي وقّاصٍ، قال: بَيْنا أنا بعَبّادانَ (٣)، إذ جاءَني رسُولُ زَوْجَتي، فقال: أجِبْ فُلانةً، فاسْتَنكرتُ ذلك، ثم قُمتُ فدخلتُ، فقالت لي: إنَّ هذه (٤) الحيّةُ، وأشارَتْ إليها، كنتُ أراها بالباديةِ إذا خَلَوتُ، ثُمَّ مَكَثتُ لا أراها، حتّى رأيتُها الآنَ، وهي هي، أعرِفُها بعينِها. قال: فخطَبَ سعدٌ خُطبةً، حمِدَ اللَّهَ، وأثْنَى عليه، ثُمَّ قال: إنَّكِ قد آذَيتِني، وإنِّي أُقسِمُ باللَّه لئن رأيتُكِ بعدَ هذه، لأقتُلنَّكِ، فخَرَجتِ الحيّةُ، انسابت من بابِ البيتِ، ثُمَّ من بابِ الدّارِ، فأرسلَ معَها سعدٌ إنسانًا، فقال: انظُر أين تَذْهبُ، فتبِعها، حتّى جاءَتِ المسجِد، ثُمَّ جاءَت منْبرَ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَتْه فرَقَتْهُ، ثُمَّ صَعِدت إلى السَّماءِ حتّى غابَتْ (٥).


(١) انظر: الرسالة للقيرواني، ص ١٦٨، والمعونة على مذهب عالم الدينة لعبد الوهاب البغدادي ٢/ ١٧٣٢.
(٢) في الأصل، ف ٣، م: "تظهر"، ولعل المقصود: الجن.
(٣) هكذا في الأصل وبقية النسخ: "بعبادان" وكذا ورد في الاستذكار ٨/ ٥٢٦، وهو تحريف بيّن لقوله: "بفناء داري" الوارد في هواتف الجان لابن أبي الدنيا، ولا أدل على صحة ذلك من ذكر مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث ومنبره.
(٤) في م: "هاهنا".
(٥) أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (١٣٢) من طريق عباد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>