للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديثُ يدُلُّ على شرَفِ عِلْم الرُّؤيا وفَضلِها، لأنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما كان يَسألُ عنها، لتُقَصَّ عليه ويعبُرَها، ليُعَلِّمَ أصحابَه كيف الكلامُ في تأويلِها. وقد أثنَى اللَّهُ عزَّ وجلَّ على يوسفَ بنِ يعقوبَ صلى اللَّهُ عليهما، وعَدَّدَ عليه فيما عدَّد مِن النِّعَم التي آتَاه؛ التمكينَ في الأرضِ، وتَعلِيمَ تأوِيلِ الأحادِيثِ.

وأجمَعوا أنَّ ذلك في تأويلِ الرُّؤيا، وكان يوسفُ عليه السَّلامُ أعلمَ الناسِ بتأويلِها، وكان نبيُّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوَ ذلك، وكان أبو بكر الصِّدِّيقُ مِن أعبرِ الناسِ لها، وحصَلَ لابنِ سيرِينَ فيها التَّقدُّمُ العظيمُ والطَّبْعُ والإحسانُ، ونحوُه أو قريبٌ منه كان سعيدُ بنُ المُسيِّب في ذلك فيما ذكروا وقد تقَدَّمَ القولُ في أمْرِ الرُّؤْيا (١)، فأغنَى عن إعادِته في هذا الموضع.

وفي هذا الحديثِ أنَّه لا نبيَّ بعدَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وفيه تَفْسِيرٌ لما رُوِيَ عنه عليه السلامُ أنَّه قال: "لا نبوةَ بعدي إلَّا ما شاء اللَّهُ". يعْنِي، واللَّهُ أعلمُ، الرُّؤيا التي هي جُزْءٌ منها. وقِيلَ في تأويلِ هذا الحديثِ أشياءُ غيرُ هذا، قد ذكَرها أبو جعفرٍ الطبرِيُّ، لا حاجةَ بنا إلى ذِكرِها هاهُنا.

وفيه إباحَةُ الكَلام بعدَ صلاةِ الصُّبح قبلَ طُلوع الشمسِ بغيرِ الذِّكْرِ.

وفيه جوازُ قولِ العالم: سَلُوني. و: مَن عندَه مسألةٌ؟ ونحوُ هذا، واللَّهُ الموَفِّقُ للصواب.


(١) سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الثامن لإسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه، وهو في الموطأ ٢/ ٥٤٥ (٢٧٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>