للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا أبو محمدٍ عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن إبراهيمَ بن جامِع، قال: حدَّثنا عليُّ بن عبدِ العزيزِ، قال: حدَّثنا حجّاج، قال: حدَّثنا يزيدُ بن زُريع، قال: حدَّثنا داودُ، قال: حدَّثنا أبو نَضرةَ، أنَّ عبد الرحمنِ بن أبي ليلى حدَّثهُ: أنَّ رجُلًا من الأنصارِ خرجَ عِشاءً من أهلِهِ، يُريدُ مسجِدَ قومِهِ، فاسْتُطيرَ (١)، فالتُمِسَ فلم يُوجَد، فانطلقَتِ امرأتَهُ إلى عُمر بن الخطّابِ، فذكَرَت ذلك لهُ، فدَعا بقومِهِ فسألهُم عنهُ، فحدَّثُوهُ بمِثلِ ما حدَّثتهُ امرأتَهُ، فقال لهم: أما سَمِعتُم منهُ ذِكرًا بعدُ؟ قالوا: لا، فأمَرَها أن تتربَّصَ أربعَ سِنينَ، ففعلَتْ، ثُمَّ أتَتَهُ فأخبَرتهُ: أنَّها لم يُذكَر لها منهُ ذِكرٌ، فدَعا قومَهُ فسألهُم عن ذلك، فقالوا: ما ذُكِرَ لنا منهُ ذِكرٌ، فأمَرَها أن تَعْتدَّ منهُ، فاعتدَّت، ثُمَّ جاءَتهُ، فأمَرَها أن تتزوَّجَ إن شاءَت، فتزوَّجت، ثُمَّ جاءَ زوجُها الأوَّلُ بعد ذلك، فقال: زوَّجتَ امرأتي؟ فقال عُمرُ: لم أفعل، ودَعاها عُمرُ فقالت: أنا المرأةُ التي أخبرتُكَ بذهابِ زَوْجي، فأمَرْتني أن أتربَّصَ أربعَ سِنينَ، ففعلتُ، ثُمَّ أتيتُكَ فأمَرْتني أن أعتدَّ، فاعتددتُ ثُمَّ جِئتُك، فأمَرْتني أن أتزوَّجَ، ففعلتُ. فقال عُمرُ: ينطلِقُ أحدُكُم فيَغِيبُ عن أهلِهِ أربعَ سِنينَ، ليسَ (٢) بغازٍ، ولا تاجِرٍ. فقال لهُ الرَّجُلُ: إنِّي خَرَجتُ عِشاءً من أهلي، أُريدُ مسجِدَ قومي، فاسْتَبتني الجِنُّ، فكنتُ فيهم، حتّى غزاهُم جِنٌّ مُسلِمُونَ، فأصابُوني في السَّبي، فسألُوني عن ديني، فأخبَرتهم أنِّي مُسلِم، فخيَّرُوني بينَ أن يرُدُّوني إلى قومي، وبينَ أن أمكُثَ معهُم ويُواسُوني، فاختَرتُ أن يرُدُّوني إلى قومي، فبَعثُوا مَعِي نفرًا، أمّا اللَّيلُ فرِجالٌ يُحدِّثُوني، وأمّا النَّهارُ فإعصارُ ريح أتْبَعُها، حتّى هَبَطتُ إليكُم.


(١) استطير: أي ذُهب به بسرعة، كأن الطير حملته، أو اغتاله أحد، والاستطارة، والتطاير: التفرق والذهاب. انظر: النهاية لابن الأثير ٣/ ١٥١ - ١٥٢.
(٢) في ف ٣: "وليس".

<<  <  ج: ص:  >  >>