للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي لفظِ هذا الحديثِ ما يدُلُّ على أنَّ الكُفرَ هاهُنا، كُفرُ النِّعَم، لا كُفرٌ باللَّه.

ورَوَى هذا الحديث سُفيانُ بن عُيَينةَ، عن صالح بن كَيْسانَ، بإسنادِهِ، وقال فيه: "ألم تَسْمعُوا ما قال ربُّكُمُ اللَّيلةَ؟ قال: ما أنعَمْتُ على عِبادي من نِعمةٍ، إلّا أصبَحَ طائفةٌ منهُم بها كافِرينَ، يقولُون: مُطِرنا بنَوْءِ كذا، وبنَوءِ كذا، فأمّا من آمنَ بي وحَمِدني على سُقْياي، فذلك الذي آمنَ بي، وكفر بالكَوْكبِ، ومن قال: مُطِرنا بنَوْءِ كذا وكذا (١)، فذلك الذي كفرَ بي، وآمنَ بالكَوْكبِ" (٢).

ورَوَى سُفيانُ بن عُيَينةَ أيضًا، عن إسماعيلَ بن أُميّةَ: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سمِعَ رجُلًا في بعضِ أسفارِهِ يقولُ: مُطِرنا ببعضِ عثانينِ الأسَدِ (٣)، فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كذَبَ، بل هُو سُقْيا اللَّه عزَّ وجلَّ" (٤). قال سُفيانُ: عثانينُ الأسدِ: الذِّراعُ والجَبْهةُ.

وقال الشّافِعيُّ (٥): لا أُحِبُّ لأحَدٍ أن يقول: مُطِرنا بنَوءِ كذا، وإن كان النَّوءُ عندَنا: الوقتَ، والوَقْتُ مخلُوقٌ لا يضُرُّ ولا ينفعُ، ولا يُمطِرُ، ولا يَحبِسُ شيئًا من المطرِ، والذي أُحِبُّ أن يقول: مُطِرنا وقتًا كذا، كما يقولُ: مُطِرْنا شَهْرَ كذا، ومن قال: مُطِرنا بنوءِ كذا، وهُو يُريدُ أنَّ النَّوءَ أنزلَ الماءَ، كما كان بعضُ


(١) في ف ٣: "وبنوء كذا".
(٢) أخرجه الحميدي (٨١٣)، وأحمد في مسنده ٢٨/ ٢٨٢ (١٧٠٤٩)، والبخاري (٧٥٠٣)، والبزار في مسنده ٩/ ٢٢٨ (٣٧٧١)، والنسائي في المجتبى ٣/ ١٦٤، وفي الكبرى ٢/ ٣٢٦، ٣٢٧ (١٨٤٧)، وأبو عوانة (٦٧)، والطبراني في الكبير ٥/ ٢٤١ - ٢٤٢ (٥٢١٥) من طريق سفيان بن عيينة، به. وانظر: المسند الجامع ٥/ ٥٥٧ - ٥٥٨ (٣٩٠٢).
(٣) الأسد: أحد بروج السماء، بين السرطان والعذراء، وزمنه من ٢٣ يوليو، تموز، إلى ٢٢ اغسطس، آب. انظر: المعجم الوسيط، ص ١٧.
(٤) أخرجه الطبري في نفسيره ٢٢/ ٤٢٠، و ٢٣/ ١٥٥، من طريق سفيان بن عيينة، به.
(٥) انظر: الأم ٢/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>