للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِمّا يُعارِضُهُ أيضًا: حديثُ القُشَيريِّ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنَّهُ قال: "وضَعَ اللَّهُ عنِ المُسافِرِ الصَّومَ، وشطْرَ الصَّلاةِ" (١). و"وضَعَ" لا يكونُ في الأغلبِ إلّا مِمّا قد ثبتَ، فوُضِعَ منهُ.

وفي إجماع الجُمهُورِ من الفُقهاءِ، على أنَّ المُسافِرَ إذا دخَلَ في صلاةِ المُقيمينَ، فأدركَ منها ركعةً، أَنَّهُ يَلْزمُهُ أن يُصلِّيَ أربعًا، فلو كان فرضُ المُسافِرِ رَكْعتينِ، لم ينتقِلْ فرْضُهُ إلى أربع، كما أنَّ المُقيمَ إذا دخَلَ خلفَ المُسافِرِ، لم يَنْتقِلْ فرضُهُ إلى اثْنَتينِ. وهذا واضِحٌ لمن تدبَّر وأنصفَ.

قالوا: وكيفَ يجُوزُ للمُسافِرِ أن يكون مخُيَّرًا، إن شاءَ دخَلَ خلفَ الإمام المُقيم، فصلَّى أربعًا، وإن شاءَ صلَّى وَحدَهُ رَكْعتينِ، ولا يكونُ مُخيَّرًا في حالِ انْفِرادِهِ، إن شاءَ صَلَّى رَكْعتينِ، وإن شاءَ أربعًا؟ قالوا: ولو كان فرْضُ المُسافِرِ رَكْعتينِ، ما جازَ لهُ تَغْييرُ فرضِهِ، بالدُّخُولِ مع المُقيم في صَلاتِهِ، ولبَطَلتْ صلاتُهُ، كما لو صلَّى الصُّبحَ خلفَ إمام يُصلِّي الظّهرَ، إلى آخِرِها، وهذا بيِّنٌ واضِحٌ، والحمدُ للَّه.

أخبرنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيب (٢)، قال: أخبرنا محمدُ بن حاتِم، قال: أخبرنا حِبّانُ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه، عنِ ابنِ عُيَينةَ، عن أيُّوبَ، عن شَيْخ من بني قُشَيرٍ، عن عمِّهِ: أنَّهُ انتهى إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُو يأكُلُ، أو قال: يَطْعَمُ، فقال: "ادْنُ فكُل". فقلتُ: إنِّي صائمٌ، فقال: "إنَّ اللَّهَ وضَعَ عنِ المُسافِرِ شطْرَ الصَّلاةِ والصِّيام، وعن الحُبلى والمُرضِع".

ورواهُ عبدُ اللَّه بن الشِّخِّيرِ، وعَمرُو بن أُميّةَ الضَّمريُّ، عنِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ.


(١) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٢) في الكبرى ٣/ ١٥١ (٢٥٩٦)، وهو في المجتبى ٤/ ١٨٠. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٢٣، من طريق ابن المبارك، به، وإسناده ضعيف، لجهالة الشيخ من بني قشير. وانظر: المسند الجامع ١٨/ ٧٨٦ (١٥٧٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>