للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زُهَيرٍ، قال (١): حدَّثنا ابنُ أبي أُوَيسٍ، قال: حدَّثني أبي، عن ضَمْرةَ بن سَعيدٍ المازِنيِّ النَّجّاريِّ (٢)، عن عُبيدِ اللَّه بن عبدِ اللَّه بن عُتْبةَ بن مَسْعُودٍ، عنِ الضَّحّاكِ بن قَيْسٍ الفِهْريِّ، عنِ النُّعمانِ بن بَشيرٍ، قال: سألناهُ: ما كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقْرأُ يومَ الجُمُعةِ، مع السُّورةِ التي ذُكِرَ فيها الجُمُعةُ؟ قال: كان يَقْرأُ فيها: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}.

قال أبو عُمر: لم يَقُلْ في هذا الحديثِ: بإثرِ سُور الجُمُعةِ، وقال: مع سُورةِ الجُمُعةِ. والمعنَى في ذلك سَواءٌ، والمُرادُ به الرَّكعةُ الثّانيةُ من الجُمُعةِ، وفي الرَّكعةِ الأُولى: سُورةَ الجُمُعةِ، وذلك كلُّهُ مع فاتِحةِ الكِتابِ، في ابتِداءِ كلِّ رَكْعةٍ، على ما سَتَراهُ مُمهَّدًا واضِحًا في بابِ العلاءِ إن شاءَ اللَّه.

واختَلَفَ الفُقهاءُ فيما يُقْرَأُ به في صلاةِ الجُمُعةِ.

فقال مالكٌ: أحَبُّ إليَّ أن يقرأَ الإمامُ في الجُمُعةِ بـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} مع سُورةِ الجُمُعةِ (٣)، وقال مرّةً أُخرى: أمّا الذي جاءَ به الحديثُ، فـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} مع سُورةِ الجُمُعةِ، والذي أدركتُ عليه النّاسَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٤).

قال أبو عُمر: تَحْصيلُ مَذْهبِ مالكٍ: أنَّ كِلْتا السُّورَتينِ قِراءَتُهُما حَسَنةٌ مُسْتحبّةٌ، مع سُورةِ الجُمُعةِ، في الرَّكْعةِ الثّانيةِ، وأمّا الأُولى فسُورةُ الجُمُعةِ، ولا يَنْبغي للإمام عندَهُ أن يترُكَ سُورةَ الجُمُعةِ، ولا سُورةَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في الثّانيةِ، فإن فعلَ وقَرَأ بغيرِهِما، فقد أساءَ


(١) في تاريخه الكبير، السفر الثالث ٢/ ٣٥٤. وأخرجه وابن خزيمة (١٨٤٦) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، به. وأخرجه الدارمي (١٥٧٥) من طريق أبي أويس، به.
(٢) هذه الكلمة سقطت من ف ٣. انظر: تهذيب الكمال ١٣/ ٣١٢.
(٣) انظر: المدونة الكبرى ١/ ٢٣٧.
(٤) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>