وقال الترمذي: "وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة، وهذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم، مثل الشافعيِّ وأحمد وإسحاق، ولم يَرَوْا بسؤر الهِرّة بأسًا، وهذا أحسن شيءٍ في هذا الباب، وقد جوّد مالكٌ هذا الحديث، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، ولم يأتِ به أحدٌ أتمَّ من مالك". ونقل الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ١/ ٤١ تصحيح البخاري والعقيلي والدارقطني له وذكر أن الأخير ساق له في الأفراد طريقًا غير طريق إسحاق فقال: "وروى طريق الدراوردي، عن أسيد بن أبي أسيد، عن أبيه أنّ أبا قتادة كان يُصغي الإناء للهِرّة فتشرب منه، ثم يتوضأ بفضلها، فقيل له: أنتوضّأ بفَضْلها، فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنها ليست بنَجَسٍ، إنما هي من الطّوافين عليكم". ثم تعقّب ما ذكره ابن مندة من أن حُميدة وخالتها كبشة محلّهما محل الجهالة، ولا يُعرف لها إلا هذا الحديث، فذكر أن لحميدة حديثًا آخر في تشميت العاطس رواه أبو داود (٥٠٣٦)، ولها ثالث رواه أبو نعيم في المعرفة ٦/ ٣٠٧٦ (٧١٠٩)، وقال: "وأمّا حالها فحميدة روى عنها مع إسحاق ابنه يحيى وهو ثقة عند ابن معين، وأمّا كبشة فقيل: إنها صحابية، فإن ثبت فلا يضرُّ الجهل بحالها، واللَّه أعلم". ونقل عن ابن دقيق العيد قوله: "لعلّ مَنْ صحّحه اعتمد على تخريج مالك، وأنّ كلَّ من خرّج له فهو ثقة عند ابن معين". قلنا: وصحّحه النووي في المجموع ١/ ١١٨. وينظر بلا بد تعليقنا على الموطأ. (١) رواية زيد بن الحُباب أخرجها عنه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٢٧)، ومن طريقه ابن حزم في المحلّى ١/ ١١٧. (٢) الاستيعاب ٢/ ٤٩٧ (٧٧٤).