للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ والثَّوريُّ: لا بأسَ أن ينامَ الجُنُبُ على غيرِ وُضُوءٍ. وأحَبُّ إليهم أن يتَوضَّأ.

قال: فإذا أرادَ أن يأكُلَ، مَضْمضَ وغسلَ يَدَيهِ. وهُو قولُ الحسنِ بن حيٍّ.

وقال الأوزاعيُّ: الحائضُ والجُنُبُ إذا أرادا أن يَطْعما، غَسَلا أيديهُما.

وقال اللَّيثُ: لا ينامُ الجُنُبُ حتّى يتَوضَّأ، رجُلًا كان أوِ امرأةً.

قال أبو عُمر: اختلَفتِ الآثارُ في هذا الباب (١)، ففي حديثِ ابنِ عُمر هذا، الأمرُ بالوُضُوءِ، وغَسلِ الذَّكرِ للجُنُبِ عندَ النَّوم.

إلّا أنَّ في حديثِ مالكٍ هذا: "تَوضَّأْ واغسِلْ ذكركَ، ثُمَّ نَمْ". وهذا يَحْتَمِلُ التَّقديمَ والتَّأخير، كأنَّهُ قال: اغسِلْ ذكركَ، وتوضَّأ، ثُمَّ نم.

ويحتمِلُ أن يكونَ لمّا كان الوُضُوءُ للجُنُبِ لا يرفعُ به (٢) الحدَثَ عنهُ، لم يُبالِ أكانَ غسلُ ذكرهُ قبلُ أو بعدُ، لأنَّهُ ليسَ بوُضُوءٍ ينقُضُهُ الحَدَثُ، لأنَّ ما هُو فيه من الجَنابةِ، أكثرُ من مَسِّ ذَكرِهِ.

وجُملةُ القولِ في هذا المعنى: أنَّ الواو لا تُوجِبُ رُتبةً، ولا تُعطي تعقيبًا.

وقد رَوَى هذا الحديثَ عن عبدِ اللَّه بن دينارٍ: الثَّوريُّ وغيرُهُ، فقدَّمُوا غسلَ الذَّكرِ في اللَّفظِ على الوُضُوءِ، وجاؤُوا بلفظٍ لا إشكالَ فيه.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ وأحمدُ بن قاسم بن عبدِ الرَّحمنِ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا الحارِثُ بن أبي أُسامةَ، قال: حدَّثنا أبو نُعيم، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عبدِ اللَّه بن دينارٍ، عنِ ابنِ عُمرَ، قال: سأل عُمرُ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) هذه الكلمة لم ترد في م.
(٢) هذا الحرف لم يرد في ي ١، وفي م: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>