للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: وقد يُمكِنُ أن يكونَ الوُضُوءُ المذكُورُ عندَ النَّوم، هُو التَّنظُّفَ من الأذَى، وغَسلَ اليَدينِ، فلِذلك يُسمَّى وُضُوءًا في لسانِ العَربِ.

قالوا: وقد كان ابنُ عُمر لا يَتَوضَّأُ عندَ النَّوم الوُضُوءَ الكامِلَ للصَّلاةِ، وهُو رَوَى الحديث، وعلِمَ مخرجَهُ.

قال أبو عُمر: قد ذكرَ الحُفّاظُ في حديثِ عائشةَ المذكُورِ في هذا البابِ: كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا ينامُ إذا كان جُنُبًا، حتّى يتوضَّأ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ (١). وكذلك في حديثِ الثَّوريِّ، عن عبدِ اللَّه بن دينارٍ، عنِ ابنِ عُمرَ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "يَغسِلُ ذكَرَهُ ويتوضَّأُ وُضُوءَهُ للصَّلاةِ".

وهذا اللَّفظُ يُوجِبُ أن يكونَ الوُضُوءَ السّابغَ الكامِلَ للصَّلاةِ، وهي زيادةٌ قصَّرَ عنها من لم يذكُرها، وليسَ في تقصيرِ من قصَّرَ عن ذِكرِ شيءٍ من الأحْكام، حُجّةٌ على من ذَكَرهُ.

وأوْلى الأُمُورِ عِندي في هذا البابِ أن يكونَ الوُضُوءُ للجُنُبِ عندَ النَّوم، كوُضُوءِ الصَّلاةِ، حَسَنًا (٢) مُستحبًّا، فإن تَرَكهُ تارِكٌ، فلا حرجَ، لأنَّهُ لا يُرفعُ به حدَثُهُ، وإنَّما جَعلتُهُ مُستحبًّا ولم أجعلهُ سُنّةً، لتعارُضِ الآثارِ فيه عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، واختِلافِ ألفاظِ نَقَلتِهِ، ولا يُثبِتُ ما كانت هذه حالَهُ سُنّةً.

وأمّا من أوجَبهُ من أهلِ الظّاهِرِ، فلا معنى للاشتِغالِ بقولِهِ، لشُذُوذِهِ، ولأنَّ الفَرائضَ لا تثبُتُ إلّا بيقينٍ، وباللَّه التَّوفيقُ.


(١) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه، وكذا ما بعده.
(٢) في ي ١: "جنبًا"، محرّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>