للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يُؤَدِّي حقَّها إلّا جاءَت يوم القيامةِ أوفَرَ ما كانت، فيُبطَحُ لها بقاع قَرْقرٍ، فتَطؤُهُ بأخفافِها، كلَّما مضَتْ أُخراها، رُدَّت عليه أُولاها، حتّى يحكُم اللَّه بينَ عِبادِهِ، في يوم كان مِقدارُهُ خمسينَ ألف سنةٍ مِمّا تعُدُّونَ، ثُمَّ يرى سبيلهُ، إمّا إلى الجنّةِ، وإمّا إلى النّارِ.

قال أبو داود (١): وحدَّثنا جعفرُ بن مُسافِرٍ، قال: أخبرنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن هشام بن سَعْدٍ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوهُ.

قال في قِصةِ الإبِل، بعد قولِهِ: "لا يُؤَدِّي حقَّها". قال: "ومِن حقِّها حَلْبُها يوم ورودِها (٢) ".

قال (٣): وحدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هارُون، قال: أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن أبي عُمر الغُدانيِّ، عن أبي هريرةَ قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نحو هذه القِصّةِ. فقال لهُ، يعني لأبي هريرةَ: فما حقُّ الإبِل؟ قال: تُعطي الكريمةَ، وتمنحُ الغَزيرةَ، وتُفقِرُ الظَّهرَ (٤)، وتطرُقُ الفحلَ، وتَسْقي اللَّبن.

قال أبو عُمر: إلى هذا ذهَبَ من جعلَ في المالِ حقًّا سِوَى الزَّكاةِ، وتأوَّلَ قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٤ - ٢٥]، وقد بيَّنّا هذا المعنى فيما سلَفَ من كِتابِنا هذا.


(١) في سننه (١٦٥٩). وأخرجه مسلم (٩٨٧) (٢٥) من طريق هشام بن سعد، به. وأخرجه البيهقي في الكبرى ٧/ ٣، من طريق زيد بن أسلم، به.
(٢) هكذا في الأصل، وفي المطبوع من سنن أبي داود: "وردها".
(٣) في سننه (١٦٦٠). وأخرجه أحمد في مسنده ١٦/ ٢٣٣ (١٠٣٥١)، وابن خزيمة (٢٣٢٢)، والمزي في تهذيب الكمال ٣٤/ ١١٣ - ١١٤، من طريق يزيد بن هارون، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٧٧ - ٧٨ (١٣٣٢٢).
(٤) يُفقر الظهر: أي يُعيره للركوب، يقال: أفقر البعير، يُفقره إفقارا، إذا أعاره، مأخوذ من ركوب فقار الظهر. انظر: لسان العرب ٥/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>