للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدُ الرَّزّاق، قال (١): حدَّثنا معمرٌ، عنِ الزُّهريِّ، عن عبّادِ بن تميم، عن عمِّهِ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرجَ بالنّاسِ يَسْتسقي، فصلَّى بهم رَكْعتينِ، جهَرَ بالقِراءةِ فيهما وحوَّلَ رِداءَهُ، ورفَعَ يَديهِ، فدَعا واسْتَسقَى، واسْتَقبلَ القِبلةَ.

قال أبو عُمر: أجمعَ العُلماءُ على أنَّ الخُرُوجَ إلى الاستِسقاءِ، والبُرُوزَ والاجتِماع إلى اللَّه عزَّ وجلَّ خارِجَ المِصْرِ بالدُّعاءِ والضَّراعةِ إليه، تباركَ اسمُهُ، في نُزُولِ الغَيْثِ، عندَ احتِباسِ ماءِ السَّماءِ، وتمادِي القَحْطِ، سُنّةٌ مَسْنُونةٌ سَنَّها رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا خِلافَ بينِ عُلماءِ المُسلِمينَ في ذلك.

واختلفُوا في الصَّلاةِ في الاسْتِسقاءِ.

فقال أبو حَنِيفةَ: ليسَ في الاسْتِسقاءِ صلاةٌ، ولكِن يخرُجُ الإمامُ وَيَدْعُو (٢).

ورُوِيَ عن طائفةٍ من التّابِعينِ مِثلُ ذلك. وحُجَّتُهُم حديثٌ مالكٍ، وما كان مِثلهُ في هذا البابِ.

وقال مالكٌ (٣)، والشّافِعيُّ (٤)، وأبو يُوسُف، ومحمدٌ، وسائرُ فُقهاءِ الأمصارِ: صلاةُ الاستِسقاءِ سُنّةٌ، رَكْعتانِ، يجهرُ فيهما بالقِراءةِ (٥).

وقال اللَّيثُ بن سَعْدٍ: الخُطبةُ في الاسْتِسقاءِ قبلَ الصَّلاةِ. وقالهُ مالكٌ ثُمَّ رجع عنهُ إلى أنَّ الخُطبةَ فيها بعد الصَّلاةِ، وعليه جماعةُ الفُقهاءِ.

وقد رُوي عن عُمرَ بن الخطّابِ: أَنَّهُ خطَبَ في الاستِسقاءِ قبلَ الصَّلاةِ (٦).


(١) في المصنَّف (٤٨٨٩). ومن طريقه أخرجه أحمد في مسنده ٢٦/ ٣٦٧ (١٦٤٣٧)، والترمذي (٥٥٦)، وابن خزيمة (١٤١٠)، وابن الجارود في المنتقى (٢٥٥)، والدارقطني في سننه ٢/ ٤٢٣ (١٨٠١)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٣٤٧، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) انظر: فتاوى السعدي، ص ١٠٥.
(٣) انظر: الموطأ ١/ ٢٦٥ (٥١٢).
(٤) انظر: الأم ١/ ٢٨٥.
(٥) انظر: الإشراف لابن المنذر ٢/ ١٩١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٨٣. وانظر فيهما ما بعده.
(٦) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>