للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثني عبدُ اللَّه بن أبي بكرٍ، قال: تذاكَرَ أبي، وعُروةُ بن الزُّبيرِ ما يُتوضَّأُ منهُ، فذكَرَ أبي: إنَّ هذا شيءٌ ما سَمِعتُهُ، فقال عُروةُ: بل أخبَرَني مروانُ بن الحَكَم، أنَّهُ سمِعَ بُسْرةَ بنت صَفْوانَ تقولُ: سمِعتُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "من مسَّ ذكَرَهُ فليتوضَّأ" فقلتُ: فإنِّي أشتِهي أن تُرسِلَ، وأنا شاهِدٌ، رَجُلًا، أو قال: حَرَسيًّا، فجاءَ الرَّسُولُ من عِندِها، فقال لنا: قالت: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من مسَّ ذكَرهُ فلْيتوضَّأ".

قال أبو عُمر: في جَهلِ عُروةَ لهذه المسألةِ، على ما في حديثِ مالكٍ وغيرِهِ، وجَهلِ أبي بكر بن محمدِ بن عَمرِو بن حزم لها أيضًا، على ما في حديثِ ابنِ عُيينةَ هذا، دليلٌ على أنَّ العالم لا نَقِيصةَ عليه في (١) جَهلِ الشَّيءِ اليَسيرِ من العِلْم، إذا كان عالمًا بالسُّنَنِ في الأغْلَبِ، إذِ الإحاطةُ لا سَبِيلَ إليها، وغيرُ مجهُولٍ مَوْضِعُ عُروةَ وأبي بكرٍ من العِلم، والاتِّساع فيه، في حينِ مُذاكرتِهِم بذلك، وقد يُسمَّى العالِمُ عالِمًا، وإن جهِلَ أشياءَ، كما يُسمَّى الجاهِلُ جاهِلًا، وإن علِمَ أشياءَ، وإنَّما تَسْتَحِقُّ هذه الأسماءُ بالأغلَبِ.

وفي رِوايةِ ابنِ عُيَينةَ لهذا الحديثِ، ما يدُلُّ على أنَّهُ جائزٌ أن يَرْوي عُروةُ هذا الحديث عن بُسرةَ، وقد رواهُ عنهُ كذلك قومٌ، وكذلك حدَّث به أبو عُبيدٍ، عنِ ابنِ عُيَينةَ (٢)، عن عبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن عُروةَ، عن بُسْرةَ.

فحدَّثنا محمدُ بن عبدِ اللَّه، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: أخبرنا إسحاقُ بن أبي حسّان، قال: حدَّثنا هشامُ بن عمّارٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ بن حَبيبٍ، قال: حدَّثنا الأوزاعيُّ، قال: حدَّثني الزُّهْريُّ، قال: حدَّثنا أبو بكر بن


(١) في م: "من".
(٢) في ي ١: "ابن علية".

<<  <  ج: ص:  >  >>