للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآثارُ عن عائشةَ بهذا مُتواتِرةٌ.

وبها قال مالكٌ، والشّافِعيُّ، في أكثرِ أهلِ الحِجازِ، وأبو حنيفةَ، والثَّوريُّ، والحسنُ بن حيٍّ، وعُبيدُ اللَّه بن الحسنِ، في جَماعةِ أهلِ العِراقِ، والأوزاعيُّ في أهلِ الشّام، واللَّيثُ بن سعدٍ، وأحمدُ بن حَنْبل، وإسحاقُ ابنُ راهوية، وأبو عُبيدٍ، وأبو ثورٍ، وداودُ، والطَّبَريُّ.

ولم يقُل واحِدٌ منهُم بحديثِ عبدِ الرَّحمنِ بن عَطاءٍ، وليسَ عندَهُم بذلك، وتركَ مالكٌ الرِّوايةَ عنهُ، وهُو جارُهُ، وحسبُك بهذا.

إلّا أنَّ أبا حَنِيفةَ وأصحابهُ، خصُّوا الإبِل إذا قلَّدها من قَصَدَ البيتَ، أنَّهُ يكونُ بتَقليدِهِ لها مُحرِمًا، إذا كان قاصِدًا للحَجِّ، أوِ العُمرةِ إلى البيتِ. وليسَ كذلك عندَهُم من قلَّدَ الغنمَ، وإن أمَّ البيتَ، لأنَّ الغنمَ لا تُقلَّدُ عندَهُم (١).

وهُو قولُ مالكٍ، وأصحابِهِ في الغنَم: أنَّها لا تُقلَّدُ.

قال مالكٌ وأصحابُهُ: تُقلَّدُ الإبِلُ والبقرُ، ولا تُقلَّدُ الغَنمُ، وتُجزِئُ النَّعلُ الواحِدةُ في التَّقليدِ، وتجعلُ حَبائلَ (٢) القلائدِ مِمّا شِئتَ.

وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: يُقلَّدُ كلُّ هَدْيِ، مُتعةٍ، أو قِرانٍ، أو تَطوُّع، من الإبِلِ والبَقرِ، فأمّا الغَنمُ فلا تُقلَّدُ، ولا يُقلَّدُ هديُ إحصارٍ، ولا جِماع، ولا جَزاءِ صَيْدٍ، ولا حِنْثٍ في يمينٍ، يُهدي جَزُورًا أو بقرةً.

وقالوا: التَّجليلُ حَسَنٌ، ولا يضُرُّ تَرْكُهُ، والتَّقليدُ أوجَبُ منهُ.

وقال مالكٌ (٣): جِلالُ البُدنِ من عَملِ النّاسِ، وهُو من زينتِها، ولا بأسَ بشقِّ أوساطِ الجِلالِ، إذا كانت بالثَّمنِ اليَسيرِ، بالدِّرهمينِ ونحوِ ذلك؛ لأنَّ ذلك زينةٌ لها.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٧٢ - ٧٦. وقد نقل المصنف منه ما بعده.
(٢) في م: "حمائل".
(٣) انظر: الموطأ ١/ ٥١١ (١١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>