للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خِلافَ بين العُلماءِ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سنَّ في حَجَّتِهِ المَبِيتَ بمِنًى ليالي التَّشريقِ.

وكذلك قال جماعةٌ من أهلِ العِلم، منهُم مالكٌ وغيرُهُ: أنَّ الرُّخصةَ في المبيتِ عن منًى ليالي منًى، إنَّما ذلك للرِّعاءِ، وللعبّاسِ وولدِهِ خاصّةً، فإنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولّاهُم عليها، وأذِنَ لهم في المبيتِ بمكّةَ، من أجلِ شُغلِهِم بالسِّقايةِ (١).

وكان العبّاسُ ينظُرُ في السِّقايةِ، ويقومُ بأمرِها، وَيَسْقي الحاجَّ شَرابها أيام الموسِم، فلِذلك أرخَصَ لهُ في المبيتِ عن منًى بمكّةَ، كما أرخَصَ لرِعاءِ الإبِلِ في المبيتِ عن منًى، أيام منًى في إبِلِهِم، من أجلِ حاجتِهِم إلى رَعْي الإبِلِ، وضَرُورتِهِم إلى الخُرُوج بها نحو المَراعِي التي تبعُدُ عن منًى، فلا يجُوزُ لأحَدٍ غيرِهِم ذلك من سائرِ الحاجِّ.

أخبَرنا أحمدُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الفَضْلِ، قال: أخبَرنا محمدُ بن جَريرٍ، قال: حدَّثنا تميمُ بن المُنْتصِرِ الواسِطيُّ، قال: حدَّثنا عَبدُ اللَّه بن نُمَيرٍ (٢)، قال: أخبَرنا عُبيدُ اللَّه، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، أنَّ العبّاسَ استأذَنَ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يَبِيتَ بمكّةَ أيامَ منًى، من أجْلِ سِقايتِهِ، فأذِنَ لهُ (٣).

وأخبَرنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: أخبَرنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٤): حدَّثنا عُثمانُ بن أبي شَيْبةَ، قال: حدَّثنا ابنُ نُميرٍ وأبو أُسامةَ، عن


(١) في م: "في السقاية".
(٢) قوله: "حدثنا عبد اللَّه بن نمير" سقط من ي ١.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٨/ ٣٥٥ (٤٧٣١)، والبخاري (١٧٤٥)، ومسلم (١٣١٥) (٣٤٦)، وابن ماجة (٣٠٦٥)، وابن حبان ٩/ ٢٠١ (٣٨٨٩)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٥٣ من طريق ابن نمير، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٣٥٦ - ٣٥٧ (٧٦١٨).
(٤) في سننه (١٩٥٩). وأخرجه الدارمي (١٩٤٣)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٤/ ٢٢٤ (١٥٦٤) من طريق أبي أسامة وحده، به. وانظر ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>