للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا البابِ، وذكَرَ حديثَ عُمرَ مع ابنِ عبّاسٍ، المذكُورَ أيضًا في هذا البابِ، عنِ ابنِ عُيينةَ، عن عَمرِو بن دينارٍ، عنِ ابنِ أبي مُليكةَ (١).

ثُمَّ قال الشّافِعيُّ (٢): وأُرخِّصُ في البُكاءِ على الميِّتِ، بلا ندبةٍ ولا نياحةٍ، لما في النِّياحةِ من تجديدِ الحُزنِ، ومَنع الصَّبرِ، وعَظيم الإثم. قال: وقال ابنُ عبّاس: اللَّهُ أضْحَكَ وأبْكَى.

قال الشّافِعيُّ: فما رَوَتهُ عائشةُ وذهبَتْ إليه، أشبهُ بدلالةِ الكِتابِ، ثُمَّ السُّنّةِ، قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨]. وقال: {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه: ١٥].

وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- لرجُلٍ في ابنِه: "أما إنَّهُ لا يَجْنِي عليكَ، ولا تَجْني عليه" (٣). قال (٤): وما زِيدَ في عذابِ كافرٍ، فباسْتِيجابه (٥)، لا بذَنْبِ غيرِهِ (٦).

وقال آخرُونَ، منهُم: داودُ بن عليٍّ وأصحابُهُ: ما رَوَى عُمرُ وابنُ عُمر والمُغيرةُ، أولى من قولِ عائشةَ ورِوايتِها.

قالوا: ولا يجُوزُ أن تُدفَعَ رِوايةُ العَدْلِ الثِّقةِ (٧) بمِثلِ هذا من الاعْتِراضِ؛ لأنَّ من رَوَى وسمِعَ وأثبَتَ، حُجّةٌ على من نَفَى وجهِلَ.

قالوا: وقد صبحَّ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّهُ نَهَى عنِ النِّياحةِ نَهْيًا مُطلقًا، ولعَنَ النّائحةَ، والمُستمِعةَ، وحرَّمَ أُجرةَ النّائحةِ.


(١) أخرجه الشافعي في مسنده، ص ١٨٢، من طريق ابن جريج، عن أبي مليكة، به.
(٢) انظر: الأم ١/ ٣١٨.
(٣) سلف تخريجه قريبًا في هذا الباب.
(٤) هذه الكلمة سقطت من م.
(٥) في م: "فباستحبابه".
(٦) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص ٢/ ٢٢٦.
(٧) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، م، وهي من بقية النسخ، ووجودها مستحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>