للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قَرْني، ثُمَّ الذين يلُونهُم، ثُمَّ الذين يلُونهُم، ثُمَّ يجيءُ قومٌ تَبْدُرُ شَهادةُ أحدِهِم يَمِينَهُ، ويمينُهُ شَهادَتَهُ". قال إبراهيمُ: كانوا يَنْهُوننا ونحنُ صِبيانٌ عنِ العَهدِ، والشَّهاداتِ.

قال أبو عُمر: معنى هذا عندَهُمُ: النَّهيُ عن قولِ الرَّجُلِ: أشهدُ باللَّه، وعليَّ عَهدُ اللَّه، ونحو ذلك، والبِدارِ إلى ذلك، وإلى اليمينِ في كلِّ ما لا يصلُحُ، وما يَصْلُحُ، واللَّه أعلمُ.

وليسَ هذا الحديثُ من بابِ أداءِ الشَّهادةِ في شيءٍ، وقد سَمَّى اللَّهُ عزَّ وجلَّ أيمانَ اللِّعانِ شهاداتٍ، فقال: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: ٦] وهذا واضِحٌ، يُغني عنِ الإكثارِ فيه.

وحديثُ أهلِ المدينةِ في هذا البابِ حديثٌ صحيحٌ مُستعملٌ، لا يدفعُهُ نَظَرٌ، ولا خبرٌ واللَّه المُستعانُ.

وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (١)، قال: أخبَرنا محمدُ بن مُسلِم، عن عَمرِو بن دينارٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: إذا كان عندَكَ لأحَدٍ شَهادةٌ، فسألكَ عنها فأخبِرهُ بها، ولا تَقُلْ: لا أُخبِرُكَ إلّا عندَ الأميرِ، أخبِرهُ بها لَعلَّهُ أن يرجِعَ، أو يَرْعوي.

قال (٢): وأخبَرنا محمدُ بن مُسلِم، عن إبراهيمَ بن مَيْسرةَ، قال: بَلَغني أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خَيْرُ الشُّهداءِ من أدَّى شَهادتَهُ قبلَ أن يُسألَ عنها".

قال أبو عُمر: أبو عَمْرةَ الأنصاريُّ، والِدُ عبدِ الرَّحمنِ بن أبي عَمرةَ هذا، اسمُهُ ثعلبةُ بن عَمرِو بن مُحصِنٍ.


(١) في المصنَّف (١٥٥٥٩).
(٢) عبد الرزاق في المصنَّف (١٥٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>