للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرًا" (١). ولا يجُوزُ أن يُتراحَمَ عليه، لأنَّهُ لم يَقُل: من تراحَمَ عليَّ. ولا: من دعا لي. وإن كانتِ الصَّلاةُ هاهُنا، معناها الرَّحمةُ، فكأنَّهُ خُصَّ بهذا اللَّفظِ، تعظيمًا لهُ، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]، ولم يقُل: إنَّ اللَّهَ وملائكتهُ يتراحمُونَ على النَّبيِّ، وإن كان المعنى واحِدًا، ليخُصَّهُ بذلك، واللَّه أعلمُ.

واحتجَّ قائلُو هذه المقالةِ، بأنَّ عبدَ اللَّه بن عبّاسٍ كان يقولُ: لا يُصلَّى على أحَدٍ، إلّا على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

وبِما رُوي عن عبدِ اللَّه بن عُمرَ: أنَّهُ كان يَقِفُ على قَبْرِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ، فيُصلِّي عليه، ويدعُو لأبي بكرٍ، وعُمرَ. وقد رُوي في خَبرِهِ هذا: أنَّهُ كان يُصلِّي على النَّبيِّ عليه السَّلامُ، وعلى أبي بكرٍ، وعُمرَ (٣).

والأوَّلُ عندَ قائلي هذه المقالةِ أثبتُ عنهُ.

وقال آخرُونَ: جائزٌ أن يُصلَّى على كلِّ أحدٍ من المُسلِمينَ، وقالوا: آلُ محمدٍ أتباعُهُ وشِيعتُهُ، وأهلُ دينِهِ هُم آلُهُ.

واحتجُّوا بقولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] قالوا: ومعلُومٌ أنَّ آل فِرعونَ، أتباعُهُ على دينِهِ.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ٤٤٤ (٨٨٥٤)، والدارمي (٢٧٧٢)، والبخاري في الأدب المفرد (٦٤٥)، ومسلم (٤٠٨)، وأبو داود (١٥٣٠)، والترمذي (٤٨٥)، والنسائي في المجتبى ٣/ ٥٠، وفي الكبرى ٢/ ٧٧ (١٢٢٠)، وأبو يعلى (٦٤٩٥)، وابن حبان ٣/ ١٨٧ (٩٠٦) من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٨/ ١٤٧ - ١٤٨ (١٤٧٥٧).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٨٨٠٨).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٣٥ (٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>