للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسى، قال: أخبَرنا عبدُ اللَّه بن سعيدِ بن أبي هِنْدٍ، عن ثَورِ بن زيدٍ، عن عِكْرِمةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَلْحظُ في صَلاتِهِ يمينًا وشِمالًا، ولا يَلْوي عُنُقهُ خلفَ ظَهْرِهِ.

قال أبو عُمر: في أحاديثِ هذا البابِ كلِّها، مُسْنَدِها ومقطُوعِها، دليلٌ على أنَّ نظرَ المُصلِّي، من السُّنّةِ فيه أن يكون أمامهُ.

وهُو المعرُوفُ الذي لا تَكلُّفَ فيه، ولذلك قال مالكٌ: يكونُ نَظرُ المُصلِّي أمامَ قِبلتِهِ.

وقال الثَّوريُّ وأبو حنيفةَ والشّافِعيُّ والحسنُ بن حيٍّ: يُستَحبُّ أن يكونَ نَظرُهُ إلى مَوْضِع سُجُودِهِ (١).

وقال شَريكٌ القاضي: ينظُرُ في القِيام إلى موضِع السُّجُودِ، وفي الرُّكُوع إلى مَوْضِع قَدَميهِ، وفي السُّجُودِ إلى أنفِهِ، وفي قُعُودِهِ إلى حِجرِهِ.

قال أبو عُمر: هذا كلُّهُ تحديدٌ لم يثبُت به (٢) أثرٌ، وليس بواجِبٍ في النَّظرِ.

ومن نظرَ إلى موضِع سجُودِهِ، كان أسلمَ لهُ، وأبعدَ من الاشتِغالِ بغيرِ صَلاتِهِ إن شاءَ اللَّه، وباللَّه التَّوفيقُ.


= والقواعد الحديثية ترجح الرواية المرسلة، فعند الموازنة بين وكيع والفضل بن موسى السيناني لا يشك أحد من أهل العلم بأن وكيعًا أتقن وأحفظ، فضلًا عما عُرف في بعض حديث الفضل بن موسى من المناكير كما قرره علامة الدنيا علي ابن المديني (الميزان: ٣/ الترجمة ٦٧٥٤)، فضلًا عن أقوال العلماء الفهماء من الجهابذة المتقدمين: الترمذي، وأبي داود الذي قال بعد أن ساق المرسل: "وهذا أصح - يعني من حديث عكرمة، عن ابن عباس". وقال الدارقطني بعد أن ساقه متصلًا في السنن (١٨٦٤): "تفرد به الفضل بن موسى عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند متصلًا، وأرسله غيره". وهذا إعلال بيّن للرواية المتصلة.
(١) انظر: الاستذكار ١/ ٥٣٤. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٢) في ي ١: "فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>