للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ من المعاني: سُؤالُ العالِم وهُو واقِفٌ، فذلك جائزٌ، بدلالةِ هذا الحديثِ.

وفيه: الرِّوايةُ والشَّهادةُ على السَّماع، وإن لم يرَ المشهِدُ أوِ المُحدِّثُ، إذا كان المعنَى المسمُوعُ مُسْتَوفًى، قدِ استُوقِنَ، وأُحيطَ به عِلمًا.

وفي هذا دليلٌ على جَوازِ شَهادةِ الأعمى. وقد مَضَى القولُ فيها، في غيرِ مَوْضِع من كِتابِنا هذا، والحمدُ للَّه.

وفيه: المعنَى المقصُودُ إليه في هذا الحديثِ، وذلك أنَّ الجُنُب إذا لحِقَتهُ جَنابةٌ ليلًا قبلَ الفَجرِ، لم يضُرَّ صِيامَهُ أن لا يَغْتسِلَ إلّا بعد الفَجْرِ.

وقدِ اخْتَلفتِ الآثارُ في هذا البابِ. واختلَفَ فيه العُلماءُ أيضًا، وإن كان الاختِلافُ في ذلك كلِّهِ عِندي ضعيفًا، يُشبِهُ الشُّذُوذَ.

فأمَّا اختِلافُ الآثارِ:

فإنَّ أبا هريرةَ كان يروي عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّ من أدْرَكهُ الصُّبحُ، وهُو جُنُبٌ، فقد أفْطَرَ، ولم يجُز لهُ صيامُ ذلك اليوم (١).

وهذا الحديثُ لم يَسْمعهُ أبو هريرةَ من النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد أحالَ إذ وُقِّفَ عليه مرّةً على الفَضْلِ بن عبّاسٍ (٢). ومرّةً على أُسامةَ بن زيدٍ. ومرّةً قال: أخبَرنيهُ مُخبِرٌ. ومرّةً قال: حدَّثني فُلانٌ وفُلانٌ.

وسنذكُرُ ذلك كلَّهُ، أو بعضَهُ، في بابِ سُميٍّ، من كِتابِنا هذا إن شاءَ اللَّه.

أخبَرنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن


(١) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٢) زاد هنا في ي ١، د ٢: "فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>