للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أوْضَحنا هذا المعنى، في هذا الكِتابِ، عِند قولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تقُومُ السّاعةُ حتّى يمُرَّ الرَّجُلُ بقبرِ أخِيهِ، فيقولُ: يا ليتني مَكانهُ" (١).

وأمّا معنَى حديثِ هذا البابِ، فإنَّما هُو، واللَّه أعلمُ، عِندَ حُضُورِ الموتِ، ومُعاينَةِ بُشرَى الخيرِ أوِ الشَّرِّ، فعلى هذا تَنَزَّلُ الآثارُ، وعلى ذلك فسَّرهُ العُلماءُ.

حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ بن يحيى وخَلَفُ بن القاسم، قالا: حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بنِ الحدّادِ بُكيرٌ، قال: حدَّثنا موسى بنُ هارُونَ، قال: حدَّثنا أبو إسماعيل التِّرمِذِيُّ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن محمدٍ الفَرْوِيُّ (٢)، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن جعفرٍ، عن عُمارةَ بنِ غَزِيَّةَ، عن موسى (٣) بنِ وَرْدانَ المِصرِيِّ، عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن المُسلِم إذا حَضَرهُ الموتُ رأى بُشُرَهُ، فلم يكُن شيءٌ أبغَضَ إليه من المُكْثِ في الدُّنيا، وإذا حَضَرَ الكافِرُ الموتُ رأى بُشُرَهُ، فلم يكُن شيءٌ أحَبَّ إليه من المُكْثِ في الدُّنيا".

قال أبو عُمر: بُشُرٌ، جمعُ بشِيرٍ، مِثل سرِيرٍ وسُرُرٍ، وقد يُخفَّفُ ذلك ويُثقَّلُ، مِثل رُسُلٍ ورُسْلٍ، وسُبُلٍ وسُبْلٍ.

وقد تكونُ البُشْرَى بالخيرِ والشَّرِّ، كما قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: ٢١]. وقال أهلُ اللُّغةِ أيضًا: إنَّهُ قد يكونُ البُشُرُ، جمعَ بشارةٍ.

حدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال: حدَّثنا شَبَابةُ، عنِ ابنِ أبي ذِئبٍ، عن محمدِ بنِ عَمرِو بنِ عطاءٍ، عن سعِيدِ بنِ يَسارٍ،


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٣٠ (٦٤٧).
(٢) في الأصل، د ٢، م: "بن موسى الهروي"، خطأ. وهو إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد اللَّه بن أبي فروة، أبو يعقوب الفروي. انظر: تهذيب الكمال ٢/ ٤٧١.
(٣) في ي ١: "يونس"، خطأ. انظر: تهذيب الكمال ٢٩/ ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>