للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا موسى بنُ عُبَيدةَ، قال: حدَّثنا عُبيدُ (١) بن سَلْمان الأغرُّ، عن عَطاءِ بنِ يَسارٍ، عن جَهْجاهٍ الغِفارِيِّ، أنَّهُ قدِمَ في نَفرٍ من قَوْمِهِ يُرِيدُونَ الإسلام، فحَضَرُوا مع رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المغرِبَ، فلمّا سلَّمَ قال: "لِيأخُذ كلُّ رَجُلٍ مِنكُم بيدِ جَلِيسِهِ". قال: فلم يبقَ في المسجِدِ غيرُ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرِي، وكنتُ رَجُلًا عظِيمًا طُوالًا، لا يُقْدِمُ عليَّ أحدٌ، فذهَبَ بي رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مَنْزِلِهِ، فحَلَبَ لي عنزًا، فأتيتُ عليها، حتّى حلَبَ لي سَبْعةَ أعْنُزٍ، فأتيتُ عليها. وذكر الحديث، وفيه: فلمّا أسْلَمتُ دَعاني رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مَنزِلِهِ، فحلَبَ لي عَنْزًا، فرُوِيتُ وشَبِعتُ، فقالت أُمُّ أيمنَ: يا رسُولَ اللَّه، أليس هذا ضَيْفَنا؟ فقال: "بَلَى، ولكنَّهُ أكلَ في مِعَى مُؤمِنٍ اللَّيلةَ، وأكلَ قبلَ ذلك في مِعَى كافِرٍ، والكافِرُ ياكُلُ في سَبْعةِ أمعاءٍ، والمُؤمِنُ يأكُلُ في مِعًى واحدٍ".

قال أبو عُمر: وهذا أيضًا لفظُ عُمُوم، والمُرادُ به الخُصُوصُ، فكأنَّهُ قال: هذا إذ كان كافِرًا، كان يأكُلُ في سَبْعةِ أمعاءٍ، فلمّا آمنَ عُوفيَ (٢) وبُورِكَ لهُ في نَفسِهِ، فكَفاهُ جُزءٌ من سَبْعةِ أجزاءٍ، مِمّا كان يكفيه إذ كان كافِرًا، خُصُوصًا لهُ، واللَّه أعلمُ.

فكان قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديثِ: "الكافِرُ يأكُلُ في سبعةِ أمعاءٍ" إشارةً إليه، كأنَّهُ قال: هذا الكافِرُ، وكذلك المُؤمِنُ يأكُلُ في مِعًى واحِدٍ، يعني هذا المُؤمِن، واللَّه أعلمُ.

وقد قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ}. وهُو يُرِيدُ رجُلًا (٣)،


(١) في الأصل، ي ١، م: "عبيد اللَّه"، خطأ. وهو عبيد بن سلمان الأغر، مولى مسلم بن هلال القرشي. انظر: تهذيب الكمال ١٩/ ٢١١.
(٢) في د ٢: "عزي".
(٣) زاد هنا في ي ١: "أو نفرًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>