للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يُختَلفْ في هذا اللَّفظِ عن مَعْمرٍ فيما عَلِمتُ، أعْني قولَهُ: "كلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطْرةِ، فأبواهُ يُهوِّدانِهِ. . . " الحديثَ.

وكذلك رواهُ ابنُ أبي ذِئبٍ، عنِ الزُّهرِيِّ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ مولُودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ، فأبواهُ يُهوِّدانِهِ. . . " الحديثَ (١)، كلفظِ حديثِ مَعْمرٍ سواءً، إلّا قولَ أبي هريرةَ.

وكذلك حديثُ سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ، حديثُ الرُّؤيا عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "كلُّ مولُودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ، فأبواهُ يُهوِّدانِهِ أو يُنصِّرانِهِ (٢) " (٣). هذا لفظُهُ.

ورَوَى أبو رجاءٍ العُطارِدِيُّ، عن سَمُرةَ بنِ جُندبٍ، الحديثَ الطَّوِيلَ، حديثَ الرُّؤيا.

وفيه عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأمّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الذي في الرَّوضةِ، فإنَّهُ إبراهيمُ عليه السَّلامُ، وأمّا الوِلدانُ حَوْلهُ، فكلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطْرةِ" (٤).

وقال آخرُونَ: العنى في ذلك، كلُّ مَولُودٍ من بني آدمَ، فهُو يُولَدُ على الفِطرةِ أبدًا، وأبواهُ يُحكَمُ لهُ بحُكمِهِما، وإن كان قد وُلِدَ على الفِطرةِ، حتّى يكون ممَّن يُعبِّرُ عنهُ لسانُهُ.

والدَّليلُ على أنَّ المعنَى كما وصَفْنا، رِوايةُ من رَوى: "كلُّ بني آدمَ يُولَدُ على الفِطْرةِ"، و: "ما من مَولُودٍ إلّا وهُو يُولَدُ على الفِطْرةِ". وحَقُّ الكلام أن يُحملَ على عُمُومِهِ.


(١) سلف تخريجه قريبًا.
(٢) في د ٢: "وينصرانه".
(٣) أخرجه البزار في مسنده ١٠/ ٣٨٤ (٤٥١٥).
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>