للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو هريرةَ: اقرؤُوا: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (١).

وكذلك حديثُ سَمُرةَ بنِ جُندبٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حديثُ الرُّؤيا، فيه: "والشَّيخُ الذي في أصْلِ الشَّجرةِ: إبراهيمُ، والوِلْدانُ حَوْلهُ: أولادُ النّاسِ" (٢).

قالوا: فهذه الأحادِيثُ تَدُلُّ ألفاظُها على أنَّ المعنى في حَدِيثِ مالكٍ، وما كان مِثلهُ، ليس كما تأوَّلهُ المُخالِفُ: أَنَّهُ يَقْتضِي أنَّ الأبوَينِ لا يُهوِّدانِ، ولا يُنصِّرانِ، إلّا من وُلِدَ على الفِطرةِ من أولادِهِما، بلِ الجميعُ يُولَدُونَ على الفِطْرةِ.

قال أبو عُمر: الفِطرةُ المذكُورةُ في هذا الحديثِ، اختلفَ العُلماءُ فيها، واضْطَربُوا في معناها، وذَهَبُوا في ذلك مذاهِبَ مُتبايِنةً، ونَزَعت كلُّ فِرْقةٍ منهُم في ذلك بظاهِرِ آيةٍ، ونصِّ سُنَّةٍ، وسنُبيِّنُ ذلك كلَّهُ ونُوضِّحُهُ، ونَذكُرُ ما جاءَ فيه من الآثارِ، واختِلافِ الأقْوالِ والاعتِلالِ، عنِ السَّلَفِ والخَلَفِ، بعونِ اللَّه إن شاءَ اللَّه.

وقد سألَ أبو عُبيدٍ (٣) محمدَ بن الحسنِ الفقِيهَ، صاحِبَ أبي حَنِيفةَ، عن معنَى هذا الحديثِ، فما أجابَهُ فيه بأكثرَ من أن قال: كان هذا القولُ من النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قبلَ أن يُؤمَرَ النّاسُ بالجِهادِ. قال: وقال ابنُ المُباركِ: تَفسيرُه (٤) آخِرُ الحديثِ: "اللَّهُ أعلَمُ بما كانوا عامِلِينَ".


(١) أخرجه البخاري (١٣٥٩، ٤٧٧٥) من طريق يونس، به. وقد سلف قريبًا تخريج ما ذكره المصنف لبعض طريق هذا الحديث عن الزهري.
(٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) انظر: غريب الحديث ٢/ ٢١ - ٢٢.
(٤) في الأصل، م: "يفسره".

<<  <  ج: ص:  >  >>