للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك رواهُ عَوْفٌ الأعرابِيُّ، عن حَكِيم الأثرم، عنِ الحَسَنِ، عن مُطرِّفٍ، أنَّ عِياضَ بن حِمارٍ حَدَّثهُ، عن رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكَرَ هذا الحديث، وقال فيه: "إنِّي خَلَقتُ عِبادِي حُنَفاءَ كلَّهُم، فأتَتهُمُ الشَّياطِينُ فاجْتالتهُم عن دِينِهِم" (١)، ولم يَقُل: "مُسلِمِينَ"، وإنَّما قال: "حُنَفاءَ" فقط.

وقد رَوَى هذا الحديثَ محمدُ بن إسحاقَ، عمَّن لا يُتَّهمُ عِندَهُ، عن قَتادةَ، عن مُطرِّفٍ، عن عِياضِ بنِ حِمارٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال فيه: "ألا وإنِّي خَلَقتُ عِبادِي حُنَفاءَ كلَّهُم"، وساق الحديثَ.

فدلَّ هذا على حِفظِ محمدِ بنِ إسحاقَ، وإتقانِهِ، وضَبْطِهِ؛ لأنَّهُ ذكرَ: "مُسلِمِينَ" في رِوايتِهِ عن ثورِ بنِ يزِيدَ لهذا الحديثِ، وأسْقَطهُ من رِوايةِ قَتادةَ، وكذلك رواهُ شُعبةُ (٢) وهشامٌ (٣) ومَعْمرٌ (٤)، عن قَتادةَ، عن مُطرِّفٍ، عن عِياضٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لم يقولوا فيه عن قَتادةَ: "مُسلِمِينَ".

فليس في حديثِ قتادةَ ذِكرُ: "مُسلِمِينَ"، وهُو في حديثِ ثورِ بنِ يزِيدَ بإسنادِهِ.

وقدِ اختلَفَ العُلماءُ في قولِهِ عزَّ وجلَّ: {حُنَفَاءَ} [الحج: ٣١] فرُوِي عنِ الضَّحّاكِ والسُّدِّيِّ في قولِهِ: {حُنَفَاءَ} قالا: حُجّاجًا (٥).


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٣٠/ ٢٨٢ (١٨٣٣٩)، والبزار في مسنده ٨/ ٤٢٢ (٣٤٩٢)، والنسائي في السنن الكبرى ٧/ ٢٧٩ (٨٠١٧)، وابن حبان ٢/ ٤٢٥ - ٤٢٦ (٦٥٤)، والطبراني في الكبير ١٧/ ٣٦٢ (٩٩٦) من طريق عوف الأعرابي، به.
(٢) أخرجه مسلم (٢٨٦٥)، والطبراني في الكبير ١٧/ ٣٦١ (٩٩٤) من طريق شعبة، به.
(٣) أخرجه الطيالسي (١١٧٥)، وأحمد في مسنده ٢٩/ ٣٢ - ٣٣ (١٧٤٨٤)، ومسلم (٢٨٦٥) من طريق هشام، به.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٠٠٨٨)، وأحمد في مسنده ٣/ ٢٨٢ (١٨٣٣٨)، والنسائي في السنن الكبرى ٧/ ٢٧٨ (٨٠١٦)، والطبراني في الكبير ١٧/ ٣٥٨ - ٣٥٩ (٩٨٧) من طريق معمر، به.
(٥) انظر: تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٩، وتفسير السمرقندي ٣/ ٥٨٠، والدر المنثور للسيوطي ١/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>