للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجَّ بعضُ من ذهَبَ هذا المذهب بحديثِ الزُّهرِيِّ، عن محمدِ بنِ عبدِ اللَّه بنِ نَوْفلٍ، عن عبدِ المُطَّلِبِ بنِ رَبيعةَ، قال: اجْتَمعتُ أنا والفَضْلُ بن عبّاسٍ ونَحنُ غُلامانِ شابّانِ قد بَلَغنا، في حديثٍ ذكَرهُ، في كَراهِيةِ الصَّدقةِ لبني هاشِم (١).

قال أبو عُمرة أمّا قولُهُ في حديثِ الزُّهرِيِّ: ونحنُ غُلامانِ شابّانِ قد بلَغْنا. فهُو كلامٌ خرجَ على القُربِ والمجازِ، وقد بان ذلك في قولِهِ: قد بلَغْنا.

وأمّا قولُ من قال: إنَّ الغُلامَ كان رَجُلًا قد كفرَ، أو عمِلَ عَمَلًا اسْتَوجَبَ عليه القتلَ، فتَخرُّصٌ وظنٌّ لم يصِحَّ في أثرٍ، ولا جاءَ به خَبرٌ، ولا يعرِفُهُ أهلُ العِلم، ولا أهلُ اللُّغةِ، وقد سَمَّى اللَّهُ عزَّ وجلَّ الإنسانَ الذي قتَلَهُ الخضِرُ غُلامًا، والغُلامُ عِندَ أهلِ اللُّغةِ: هُو الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ، يَقعُ عليه عِندَ بعضِهِمُ اسمُ غُلام من حِينِ يُفطَمُ، إلى سَبعْ سِنينَ، وعِندَ بَعضِهِم يُسمَّى غُلامًا وهُو رَضِيعٌ إلى سبع سِنينَ، ثُمَّ يَصِيرُ يافِعًا وَيَفاعًا إلى عشرِ سِنينَ، ثُمَّ يصِيرُ حَزَوّرًا إلى خمسَ عشْرةَ سنةً. واختُلِفَ في تَسْمِيةِ مَنازِلِ سنِّهِ بعد ذلك، إلى أن يصِير هِمًّا فانِيًا كبِيرًا، بما لا حاجةَ بنا هاهُنا إلى ذَكِرِهِ.

قال أبو عُمر: وعلى هذا جُمهُورُ أهلِ اللُّغةِ في الغُلام، أنَّهُ ما دامَ رَضِيعًا، فهُو طِفلٌ، وغُلامٌ، إلى سبع سِنينَ.

وأمّا اختِلافُهُم في الكَهلِ والشَّيخ، فقال بعضُهُم: الكَهلُ ابنُ (٢) ثلاثٍ وثلاثِين سنةً. وقال بعضُهُم: الكَهلُ مِن (٣) أربعِين إلى خمسِين، والشَّيخُ مِن (٤) خمسِينَ إلى ثمانينَ، ثُمَّ يصِيرُ هِمًّا فانِيًا.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٩/ ٦٢ - ٦٣ (١٧٥٢٠) من طريق الزهري، به.
(٢) في د ٢: "إلى".
(٣) في د ٢: "ابن".
(٤) في د ٢: "ابن".

<<  <  ج: ص:  >  >>