للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أسْفَلِ أُحُدٍ عِندَ قُبُورِ الشُّهداءِ الذينَ بالمدِينةِ، أمرَ مُنادِيًا فنادَى: من كان لهُ ميِّتٌ، فليأتِهِ فليُخرِجهُ فليَحْمِلهُ. قال جابرٌ: فذهبنا إلى أبي (١)، فأخْرَجناهُم رِطابًا يتنثنَّوْنَ. قال أبو سعِيدٍ: لا نُنكِرُ بعد هذا مُنكرًا. قال جابرٌ: فأصابَتِ المِسحاةُ إصبَعَ رجُلٍ منهُم، فتقَطَّر الدَّمُ (٢).

وأمّا قولُهُ: "منهُ خُلِقَ، وفيه يُركَّبُ". فيدُلُّ على أنَّهُ ابتَدَأ خلقُهُ وتركِيبُهُ من عَجْبِ ذَنَبه، واللّه أعلمُ. وهذا لا يُدرَكُ إلّا بخبرٍ، ولا خبرَ فيه عِندَنا مُفَسَّرٌ، وإنَّما هِي جُملةُ ما جاءَ في هذا الخبرِ.

وأمّا خلقُ آدمَ صَلَواتُ الله عليه، وعلى سائرِ أنبِياءِ الله، فرُوِي في خلقِهِ آثارٌ كثِيرةٌ، في ظاهِرِ بعضِها اختِلافٌ.

رَوَى شُعبةُ، عنِ الحكم، عن إبراهيمَ، عن سَلْمانَ (٣)، قال: أوَّلُ ما خلقَ الله من آدمَ رأسَهُ، فجعلَ ينظُرُ وهُو يُخلقُ (٤).

ورَوَى حمّادُ بن سَلَمةَ، عن سُليمانَ التَّيمِيِّ، عن أبي عُثمانَ النَّهدِيِّ، عن سَلْمانَ الفارِسِيِّ، قال: خمَّرَ اللهُ طِينةَ آدم أربعِينَ ليلةً، ثُمَّ خَلَقها بيدِهِ، فخرَجَ طيِّبُها في يَمِينِهِ، وخرَجَ خَبِيثُها في الأُخرى، ثُمَّ مسَحَ يَدَيهِ إحداهُما بالأُخرى، فخَلَطَ بَعضهُ ببعضٍ، فمِنْ ثمَّ يخرُجُ الخبِيثُ من الطِّيبِ، والطِّيبُ من الخَبِيثِ (٥).


(١) في ي ١: "أُحد".
(٢) سلف في شرح الحديث الثالث لأبي الرجال، وهو في الموطأ ١/ ٣٢٥ (٦٣٧). وانظر تخريجه هناك.
(٣) في م: "سليمان". انظر: مصادر التخريج.
(٤) أخرجه ابن سعد في طبقاته ١/ ٣٠، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٧٠٦١)، والطبري في تفسيره ١٧/ ٣٩٤، من طريق شعبة، به.
(٥) أخرجه الطبري في تاريخه ١/ ٩٣، وفي تفسيره ٧/ ٣٠٦، من طريق سليمان التيمي، به.
وأخرجه ابن سعد في طبقاته ١/ ٢٧، من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، عن ابن مسعود به.

<<  <  ج: ص:  >  >>