للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن هشام، عنِ ابنِ سِيرِينَ، عن أبي هريرةَ قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "منِ اشْتَرى مُصرّاةً، فهُو بالخِيارِ ثلاثةَ أيام، فإن رَدَّها، ردَّ معَها صاعًا من تمرٍ، لا سمراءَ".

وحدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن هشام، عنِ ابنِ سِيرِين، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرهُ حرفًا بحرفٍ، وزاد: "لا سمراءَ". يعني الحِنْطةَ (١).

قال أبو عُمر: أمّا قولُهُ في حديثِ أبي الزِّنادِ: "ولا تُصِرُّوا الإبِل والغنمَ، فمَنِ ابتاعَها". يُرِيدُ منِ ابتاعَ المُصرّاةَ من الإبِلِ أو الغَنم.

والمُصرّاةُ، هِي المُحفَّلةُ، سُمِّيت مُصرّاةً (٢)؛ لأنَّ اللَّبنَ صُرِّي في ضَرْعِها أيامًا، حتَّى اجتمعَ وكثُر. ومعنى صُرِّيَ: حُبِسَ، فلم تُحلب حتَّى عظُمَ ضَرْعُها به، ليَغترَّ المُشترِي بذلك، ويظُنَّ أنَّ تلك حالهُا.

وأصلُ التَّصرِيةِ، حبسُ الماءِ وجمعُهُ، تقُولُ العربُ منهُ: صرَّيتُ الماءَ، إذا حبستَهُ، وليس هذا اللَّفظُ من الصِّرارِ والتَّصرِيرِ، ولو كان منهُ، لكانت مصرُورةً، لا مُصرّاةَ.

وإنَّما قيلَ للمُصرّاةِ: المُحفَّلةُ؛ لأنَّ اللَّبن اجتمعَ في ضَرْعِها، فصارت حافِلًا، والحافِلُ: الكثِيرةُ اللَّبنِ، العظِيمةُ الضَّرع، ومنهُ قيلَ: مجلِسٌ حافِلٌ، ومُحتفِلٌ، إذا كَثُر فيه القومُ.

وهذا الحديثُ أصلٌ في النَّهيِ عنِ الغِشِّ، وأصلٌ فيمَنْ دُلِّسَ عليه بعَيْب (٣)، أو وجدَ عيبًا بما ابتاعَهُ، أنَّهُ بالخِيارِ في الاسْتِمساكِ (٤) أوِ الرَّدِّ.


(١) أخرجه ابن ماجة (٢٢٣٩) عن ابن أبي شيبة، به.
(٢) في م: "بمُصراة".
(٣) زاد هنا في ي ١، ت: "أنه يرد عليه بيعه، إن شاء المبتاع، وأصل فيمن دلس عليه بعيب".
(٤) في ت: "الاسترسال".

<<  <  ج: ص:  >  >>