للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصُّبح لكافٍ للصَّلواتِ كلِّها، ما لم أُحدِثَ، ولكنِّي سمِعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "من توضَّأ على طُهْرٍ، كُتِب لهُ عشرُ حَسَناتٍ". فإنَّما رَغِبتُ في ذلك يا ابن أخِي (١).

قال أبو عُمر: فقد تبيَّنَ بهذه الأحادِيثِ، أنَّ الوُضُوءَ للصَّلاةِ ليس بواجِبِ على القائم إليها إذا كان على وُضُوءٍ، وأنَّ دُخُولَ الوَقْتِ، وحُضُور الصَّلَاةِ لا يُوجِبانِ على من لم يُحدِث وُضُوءًا، وعُلماءُ المُسلِمِين مُتَّفِقُونَ على ذلك، فبانَ بهذا تأوِيلُ قولِ الله عزَّ وجلَّ ومُرادُهُ من كلامِهِ حيثُ يقولُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} الآيةَ [المائدة: ٦]، وصحَّ أنَّ المُرادَ بذلك: من لم يكُن على وُضُوءٍ ومن كان على وُضُوءٍ، فإنَّما هُو مَندُوبٌ إلى ذلك، لهُ فيه فضْلٌ كامِلٌ، تأسِّيًا برسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

وثبتَ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في قولِهِ: "إذا استَيقظَ أحدُكُم من نَومِهِ، فلا يُدخِل يَدهُ، أو يَغمِس يدهُ، في وَضُوئهِ ... " الحديث (٢). ما يَدُلُّ على أنَّ على القائم من النَّوم الوُضُوءَ.

واختلَفَ العُلماءُ في النَّوم، هل هُو حَدَثٌ كسائرِ الأحداثِ، أم لهُ حُكم مُنفرِدٌ في ذلك؟

فجُملةُ مذهبِ مالكٍ: إن كانَ نائم اسْتَثقل نومًا، وطال نومُهُ، على أيِّ حالٍ كان، فقد وجبَ عليه الوُضُوءُ.


(١) أخرجه أبو داود (٦٢)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ١/ ١٦٢، عن مسدد، به. وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلّام في الطهور (٣٨)، وأبو داود (٦٢)، وابن ماجة (٥١٢)، والترمذي (٥٩)، والبيهقي في الكبرى ١/ ١٦٢، من طريق عبد الرحمن بن زياد، به، قال الترمذي: وهو إسناد ضعيف. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٣٧ - ٣٨ (٧٢٠٦).
(٢) هو حديث هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>