للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال إسحاقُ، وأبو عُبيدٍ، وهُو معنى قولِ مالكٍ.

وكان عبدُ الله بن المُباركِ يقولُ: إن نامَ ساجِدًا في صلاتِهِ، فلا وُضُوءَ عليه، وإن نامَ ساجِدًا في غيرِ صلاتِهِ، فعليه الوُضُوءُ، وكذلك إن تعمَّدَ النَّوم جالِسًا وهُو في صلاةٍ، فعليه الوُضُوءُ.

ورُوِي عن أبي موسى الأشعرِيِّ ما يدُلُّ على أنَّ النَّومَ عِندهُ ليس بحدَثٍ على أيِّ حالٍ كان، حتَّى يُحدِث النّائمُ حَدَثًا غير النَّوم؛ لأنَّهُ كان ينامُ ويُوكِّلُ من يحرُسُهُ (١). ورُوِي عن عَبِيدةَ نحوُ ذلك (٢).

ورُوِي عن سعِيدِ بنِ المُسيِّبِ: أنَّهُ كان ينامُ مِرارًا مُضطجِعًا ينتظِرُ الصَّلاةَ، ثُمَّ يُصلِّي ولا يُعِيدُ الوُضُوءَ للصَّلاةِ (٣).

وقال المُزنيُّ (٤) صاحِبُ الشّافِعِيِّ: النَّومُ حدثٌ، وقليلُهُ وكثِيرُهُ يُوجِبُ الوُضُوءَ كسائرِ الأحداثِ.

قال أبو عُمر: حُجَّةُ من ذهبَ مذهب المُزنيِّ في النَّوم، حديثُ صفوان بنِ عسّالٍ، مع القِياسِ، على ما أجمعُوا عليه في أنَّ غلبةَ النَّوم وتمَكُّنهُ، يُوجِبُ الوُضُوءَ، إلّا شيءٌ رُوِي عن أبي موسى وعَبِيدةَ مُحتمِل للتَّأوِيلِ.

ذكر عبدُ الرَّزّاقِ (٥)، عن مَعمرٍ، عن أيُّوب، عنِ ابنِ سيرِينَ، قال: سألتُ عَبِيدةَ: أيتوضَّأُ الرَّجُلُ إذا نامَ؟ قال: هُو أعلمُ بنفسِهِ.


(١) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٤٢٦)، والأوسط لابن المنذر ١/ ٢٦٠ (٤٦).
(٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) انظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٦١.
(٤) انظر: مختصره ملحقًا بالأم ٨/ ٩٦.
(٥) في المصنَّف (٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>