للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وولدَها بالمعرُوفِ، فقال لها: "خُذي من مالِهِ ما يَكْفِيكِ وولَدَكِ بالمعرُوفِ" (١). فأمَرَها أن تُعاقِبهُ بأخذِ ما لَها من حقٍّ عِندهُ.

فهذا معنى قولِهِ - صلى الله عليه وسلم - عندي واللّه أعلمُ: "ليُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرضهُ وعُقُوبتهُ".

حدَّثنا قاسمُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بن سعدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عَمرٍو، قال: حدَّثنا محمدُ بن سَنْجَر، قال: حدَّثنا أبو عاصِم، عن وَبْرِ بنِ أبي دُليلةَ (٢)، عن محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ ميمُونٍ، قال: حدَّثني عَمرُو بن الشَّرِيدِ، عن أبيهِ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرْضهُ وعُقُوبتهُ" (٣).

وقدِ استدلَّ جَماعةٌ من أهلِ العِلم والنَّظرِ - على جَوازِ حَبْسِ من وجبَ عليه أداءُ الدَّينِ، حتَّى يُؤَدِّيهُ إلى صاحِبه، أو تثبُت عُسْرتُهُ - بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَطْلُ الغنيِّ ظُلمٌ"، وبقولِه: "ليُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرضهُ وعُقُوبتهُ". قالوا: ومن عُقُوبتِهِ الحَبْسُ.

هذا إذا كان دينُهُ بعِوَضٍ حاصِلٍ بيدِهِ، إلّا أنَّ أكثر أصحابنا لا يُفرِّقُونَ بين وُجُوب الدَّينِ عليه من أجلِ عِوَضٍ، أو غيرِ عِوَضٍ؛ لأنَّ الأَصلَ عِندهُمُ اليَسارُ، حتَّى يَثبُت العَدمُ، وعِندَ غيرِهِمُ الأصلُ في النّاسِ العَدمُ؛ لأنَّ الله لم يُخرِج خَلْقهُ إلى الوُجُودِ إلّا فقُراءَ، ثُمَّ تطرأُ الأملاكُ عليهم بأسبابٍ مُختلِفةٍ، فمَنِ


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٤٠/ ١٤٣، ٢٧٩ (٢٤١١٧، ٢٤٢٣١)، والبخاري (٢٢١١)، ومسلم (١٧١٤) (٧)، وأبو داود (٣٥٣٢)، وابن ماجة (٢٢٩٣)، والنسائي في المجتبى ٨/ ٢٤٦ - ٢٤٧، وفي الكبرى ٨/ ٢٧٣ (٩١٤٧)، وابن الجارود في المنتقى (١٠٢٥)، وأبو يعلى (٤٦٣٦)، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٢٧٠، والبغوي في شرح السنة (٢٣٩٧) من حديث عائشة. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٥٨٤ - ٥٨٥ (١٦٤٥٤).
(٢) في الأصل، د ٢: "وبرة بن أبي دليل"، وفي ي ١، ت: "وبر بن أبي دليل"، وفي م: "وبرة بن أبي دليلة"، وكله خطأ. كما سلف التنبيه عليه.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٣٢/ ٢١٤ - ٢١٥ (١٩٤٦٣)، والبخاري في تاريحه الكبير ٤/ ٢٥٩، والطبراني في الكبير ٧/ ٣٨٠ (٧٢٤٩)، وفي الأوسط ٣/ ٤٦ (٢٤٢٨)، والحاكم في المستدرك ٤/ ١٠٢، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٥١، من طريق أبي عاصم، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>