للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُتبِعَ على مليءٍ فليَتْبع". قال مالكٌ: هذا أمرُ تَرْغِيبٍ، وليس بالذي يُلزِمُهُ السُّلطانُ النّاس، ويَنْبغِي لهُ أن يُطِيع رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال: وسألتُ مالكًا عنِ الحولِ بالدَّينِ، فقال: انظُر ما أقولُ لك: احتل بما قد حلَّ من دينِكَ، فيما حلَّ وفيما لم يحِل، ولا تُحِلْ ما لم يحلُلْ في شيءٍ، لا فيما حلَّ، ولا فيما (١) لم يحِل.

واختلفَ الفُقهاءُ في معنى الحوالةِ.

فجُملةُ مَذهبِ مالكٍ وأصحابه فيها، أنَّ منِ احتالَ بدينٍ لهُ على رَجُلٍ على آخرَ، فقد برِئَ المُحِيلُ، ولا يرجِعُ إليه أبدًا، أفلسَ أو ماتَ، إلّا أن يغُرَّهُ من فلَسٍ، فإن غرَّهُ، انصرفَ عليه.

وهذا إذا كان لهُ عليه دينٌ، فإن لم يكُن لهُ عليه دينٌ، فهي حَمَالة، ويرجِعُ إليه أبدًا، فإن كان لهُ عليه دَيْنٌ، فهي الحوالةُ، ولا يكونُ للمُحتالِ أن يرجِعَ على المُحِيلِ بوَجهٍ من الوُجُوهِ تَوِيَ المالُ (٢) أو لم يَتْوَ، إلّا أن يغُرَّهُ من فلَسٍ قد علِمهُ. وهذا كلُّهُ مذهبُ الشّافِعِيِّ (٣) وأصحابه أيضًا.

قال ابنُ وَهْبٍ عن مالكٍ: إذا أُحِيل بدينٍ عليه فقد برِئَ المُحِيلُ، ولا يرجِعُ عليه بموتٍ ولا إفلاسٍ.

وقال ابنُ القاسم عنهُ: إن أحالهُ ولم يغُرَّهُ من فلَسٍ علِمهُ من غرِيمِهِ، فلا يرجِعُ عليه، إذا كان عليه دينٌ لهُ، فإن غرَّهُ، أو لم يكُن لهُ عليه شيءٌ، فإنَّهُ يرجِعُ عليه إذا أحالهُ.

وقال الشّافِعِيُّ (٤): يبرأُ المُحِيلُ بالحوالةِ، ولا يرجِعُ عليه بمَوتٍ ولا إفلاسٍ.


(١) في م: "وفيما" بدل: "ولا فيما"
(٢) تَوِيَ المال: هلك وضاع. انظر: تاج العروس ٣٧/ ٢٦٠.
(٣) انظر: الأم ٣/ ٢٣٣.
(٤) انظر: الأم ٣/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>