للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلَف العُلماءُ في رُكُوبِ الهديِ الواجِبِ والتَّطوُّع:

فذهَبَ أهلُ الظّاهِرِ إلى أنَّ رُكُوبهُ جائزٌ من ضَرُورةٍ، وغيرِ ضَرُورةٍ (١)، وبعضُهُم أوجبَ ذلك (٢).

وذهبَتْ طائفةٌ من أهلِ الحديثِ، إلى أنَّهُ لا بأسَ برُكُوبِ الهديِ على كلِّ حالٍ أيضًا، على ظاهِرِ هذا الحديثِ (٣).

والذي ذهبَ إليه مالكٌ وأبو حَنِيفةَ والشّافِعِيُّ (٤) وأكثرُ الفُقهاءِ: كَراهِيةُ رُكُوبه من غَيرِ ضرُورةٍ، فكرِهَ مالكٌ رُكُوبَ الهديِ من غيرِ ضرُورةٍ. وكذلك كرِه شُرب لَبنِ البَدَنةِ، وإن كان بعدَ ريِّ فصِيلِها، فإن فعلَ شيئًا من ذلك كلِّهِ، فلا شيءَ عليه.

وقال أبو حنِيفةَ والشّافِعِيُّ: إن نَقَصها الرُّكُوبُ، أو شَرِبَ لَبنَها، فعليه قِيمةُ ما شرِبَ من لَبنِها، وقِيمةُ ما نَقَصها الرُّكُوبُ.

وحُجَّةُ من ذهَبَ هذا المذهب: أنَّهُ ما خرجَ للّه، فغيرُ جائزٍ الرُّجُوعُ في شيءٍ منهُ، ولا الانتِفاعُ به، فإنِ اضطُرَّ إلى ذلك، جازَ لهُ. لحديثِ جابرٍ في ذلك.


= قال الدارقطني: يرويه أبو الزناد، واختلف عنه:
فرواه مالك بن أنس، وموسى بن عقبة، وعبد الرحمن بن إسحاق، وهو عباد، وأبو أيوب الإفريقي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وخالفهم ابن عيينة، فرواه عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ويشبه أن يكون القولان محفوظين، عن أبي الزناد.
وزعم الواقدي أن مالكًا وهم في إسناد هذا الحديث، فرواه عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وقد تابعه جماعة ثقات، منهم موسى بن عقبة، ومن ذكرنا معه. العلل (٢٠١٨).
(١) قوله: "وغير ضرورة" سقط من م.
(٢) انظر: الاستذكار ٤/ ٢٤١، وبداية المجتهد ٢/ ١٤١.
(٣) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي ٢/ ١٦١، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٨١. وانظر فيه ما بعده.
(٤) انظر: الأم ٢/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>