للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالكٌ رحِمهُ الله: الجِهادُ فرضٌ بالأموالِ والأنفُسِ، فإن مَنعهُمُ الضَّررُ، أو عاهَةٌ بأنفُسِهِم، لم يسقُط عنهُمُ الفرضُ بأموالِهِم.

وقال أبو حنِيفةَ: الجِهادُ واجِبٌ، إلّا أنَّ المُسلِمِينَ في عُذرٍ حتَّى يُحتاجَ إليهم.

وقال ابنُ شُبرُمةَ: الجِهادُ ليس بواجِبٍ، والقائمُونَ به من المُسلِمِين أنصارُ الله (١).

وقال الشّافِعِيُّ (٢): الغزوُ غَزْوانِ: نافِلةٌ، وفَرِيضةٌ، فأمّا الفَرِيضةُ فالنَّفِيرُ إذا أظلَّ العدُوُّ بلدَ الإسلام، والنّافِلةُ الرِّباطُ والخُرُوجُ إلى الثُّغُورِ، إذا كان فيها من فيه كِفايةٌ.

قال أبو عُمر: قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} الآيةَ [التوبة: ٤١]. يعني شبابًا وشُيُوخًا. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} الآيةَ إلى قولِهِ {يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: ٣٨ - ٣٩]، فثبتَ فرضُهُ، إلّا أنَّهُ على الكِفايةِ، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢].

وعلى هذا جُمهُورُ العُلماءِ، ودليلُ ذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "بُني الإسلامُ على خَمسٍ" (٣). ليس فيها ذِكرُ الجِهادِ؛ لأنَّها كلَّها مُتَعيِّنةٌ على المرءِ في خاصَّتِهِ (٤)، وباللّه التَّوفيقُ.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٥٠٩.
(٢) انظر: الأم ٤/ ١٧١.
(٣) سلف بإسناده في شرح الحديث الثاني لأبي سهيل، وانظر تخريجه هناك.
(٤) في د ٢: "خاصة نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>