للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: في قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تَحرِيمُها التَّكبِيرُ" (١) دليلٌ على أنَّهُ لم يدخُل في الصَّلاةِ من لم يُحرِمَ، فما كان قبلَ الإحرام، فحُكمُهُ ألّا تُعادَ منهُ الصلاةُ، إلّا أن يُجمِعُوا على شيءٍ، فيُسلَّمَ للإجماع كالطَّهارةِ، والقِبْلةِ، والوَقْتِ، ونحوِ ذلك.

وأمّا قولُهُ: "حتَّى يظلَّ الرَّجُلُ إن يَدْرِي كم صلَّى". فإنَّهُ يُرِيدُ، حتَّى يظلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كم صلَّى.

وكذا رواهُ بهذا اللَّفظِ جماعةٌ.

ومعنى "يظلَّ" يصِيرَ، يقولُ: حتَّى يصِيرَ المرءُ لا يَدْرِي كم صلَّى. وقِيل: "يَظلَّ " هاهُنا بمعنَى يَبْقَى لا يدرِي كم صلَّى، وأنشدُوا (٢):

ظَللْتُ رِدائي فوقَ رأسِي قاعِدًا ... أعُدُّ الحَصَى ما تَنْقضِي عَبَراتِي

ومن (٣) رواهُ بكسرِ الهمزِ: "إن يدرِي ما (٤) صلَّى". فـ "إنْ" بمعنى ما، كثِيرٌ، ولكنَّ الرِّوايةَ عِندَنا بفتح الهَمزةِ (٥)، واللّهُ أعلمُ (٦).


(١) سلف بإسناده في شرح الحديث الثاني لابن شهاب، عن علي بن الحسين، وهو في الموطأ ١/ ١٢٥ (١٩٧). وانظر تخريجه هناك.
(٢) البيت لامرئ القيس، انظر: ديوانه، ص ٧٨.
(٣) في م: "من".
(٤) هكذا في النسخ المعتمدة، وفي أصل الحديث: "كم"، وهما بمعنى.
(٥) قال القاضي عياض في مشارق الأنوار ١/ ٤١: قوله: "حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى". كذا لجمهور الرواة والأشياخ بكسر الألف، وهو الصواب، ومعناها هنا: ما يدري، وضبطه الأصيلي بالفتح وابن عبد البر، وقال: هي رواية أكثرهم. قال: ومعناها لا يدري. وليس بشيء، وهو مفسد للمعنى، لأن "إن" هنا المكسورة، بمعنى ما النافية، والجملة في موضع خبر يضل، وفي رواية ابن بكير والتنيسي: "لا يدري" مفسرًا.
(٦) زاد هنا في م: "وبه التوفيق".

<<  <  ج: ص:  >  >>