للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمّادُ بن زيدٍ، عن عليِّ بن زيدٍ، عن يُوسُف بن مِهران، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: قال عُمرُ بن الخطّابِ: يا أيُّها النّاسُ، إنَّ الرَّجم حقٌّ، فلا تُخدعُنَّ عنهُ، وآيةُ ذلك، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجمَ، وأبا (١) بكرٍ، ورجمنا بعدَهُما، وإنَّهُ سيكونُ أُناسٌ يُكذِّبُونَ بالرَّجم، ويُكذِّبُون بالدَّجالِ (٢)، ويُكذِّبُون بطُلُوع الشَّمسِ من مَغْرِبِها، ويُكذِّبُونَ بعذابِ القَبْرِ، ويُكذِّبُونَ بالشَّفاعةِ، ويُكذِّبُون بقوم يخرُجُون من النّارِ بعدَما امتُحِشُوا (٣).

قال أبو عُمر: كلُّ هذا يُكذِّبُ به جميعُ طوائفِ أهلِ البِدَع: الخَوارِجُ (٤)، والمُعتزِلةُ، والجَهْمِيّةُ، وسائرُ الفِرَقِ المُبتدِعةِ (٥)، وأمّا أهلُ السُّنَّة، أئمَّةُ الفِقهِ والأثَرِ في جميع الأمْصارِ، فيُؤمِنُونَ بذلك كلِّهِ ويُصدِّقُونهُ، وهُم أهلُ الحقِّ، واللّه المُستعانُ.

وأمّا قولُهُ في حديثِ أبي الزِّنادِ في هذا البابِ: "لِكلِّ نبِيٍّ دعوةٌ يدعُو بها". فمعناهُ أنَّ كلَّ نبِيٍّ أُعطِي أُمنِيةً وسُؤْلًا (٦) ودعوةً يدعُو بها فيما شاءَ، أُجِيبَ وأُعطِيهُ.

ولا وجهَ لهذا الحديثِ غير ذلك؛ لأنَّ لكلِّ نبِيٍّ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ، ولغيرِ الأنبِياءِ أيضًا دَعَواتٌ مُسْتَجاباتٌ، وما يكادُ أحدٌ من أهلِ الإيمانِ يخلُو من أن تُجابَ دعوتُهُ، ولو مرَّةً في عُمرِهِ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] وقال: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١)} [الأنعام: ٤١]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من داع يدعُو، إلّا كانَ بين


(١) في ي ١، د ٢، ت: "وأبو".
(٢) في الأصل، م: "باللعان"، والمثبت من د ٢.
(٣) سلف بإسناده في شرح الحديث الثامن لابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وانظر تخريجه في موضعه.
(٤) هذه الكلمة لم ترد في ت.
(٥) عبارة ت: "وسائر أهل الفرق والمبتدعة".
(٦) في م: "وسؤالًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>