للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُلانٌ أحقُّ من فُلانٍ بكذا، إلّا ولذاكَ فيه حَقٌّ، ليسَ كحقِّ الذي هُو أحقُّ به منهُ، ودلَّ أيضًا على أنَّ لولِيِّ البِكْرِ عليها حقًّا فوقَ ذلك الحقِّ، والفرقُ بينهُما، أنَّ ذلك الولِيَّ لا يُنكِحُ الثَّيِّبَ إلّا بأمرِها، ولهُ أن يُنكِحَ البِكرَ بغيرِ أمرِها، والولِيُّ عِندَهُم هاهُنا هُو الأبُ خاصَّةً.

قالوا: ولمّا كان للأبِ أن يُنكِحَ البِكر من بَناتِهِ بغيرِ أمرِها، وليس لهُ ذلك في الثَّيِّبِ إلّا بأمْرِها، عَلِمنا أنَّ ذلك ليس من بابِ التُّهمةِ في شيءٍ، لأنَّ البِكرَ والثَّيِّب في ذلك سواءٌ، لأنَّهُما بنتاهُ، لا يُتَّهمُ على واحِدةٍ منهُما.

وممَّن قال في هذا الحديثِ بمعنَى ما ذكرنا: الشّافِعيُّ (١) وأصحابُهُ، وأحمدُ بن حنبل، وإسحاقُ بن راهوية (٢)، واحتجُّوا بضُرُوبِ من الحُجج، معناها ما وَصَفْنا.

وذكرَ المُزنِيُّ وغيرُ، عن الشّافِعيِّ، قال: وفي قولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الأيِّم أحقُّ بنَفْسِها من ولِيِّها، والبِكرُ تُستأمرُ في نفسِها، وإذنُها صُماتُها". دلالة على الفرقِ بين الثَّيِّبِ والبِكرِ في أمرينِ:

أحدهما: أنَّ إذنَ البكر الصَّمتُ، والتي تُخالفُها الكلام.

والآخر: أنَّ أمرَهما في ولايةِ أنفُسِهما مختلفٌ، فولايةُ الثَّيب: أنَّها أحقُّ من الولي.

قال: والوليُّ هاهنا الأبُ، واللّهُ أعلمُ، دونَ سائر الأولياء، ألا (٣) تَرَى أنَّ سائرَ الأولياء غيرَ الأبِ ليس له أن يُزوِّج الصَّغيرة، ولا له أن يزوِّجَ الكبيرةَ البكرَ وغيرَها إلّا بإذنها، وذلك للأبِ في الأبكارِ من بناتهِ، بوالغَ وغيرَ بوالغَ.


(١) انظر: الأم ٥/ ٢٠.
(٢) انظر: مسائل أحمد وإسحاق ٤/ ١٤٦٧ (٨٥٦) و ٤/ ١٤٧٠ (٨٥٨).
(٣) من هنا إلى نهاية هذه الفقرة، مع التي بعدها، لم تردا في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>