للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الثَّوريُّ، كقولِ الشّافعي: الأولياء العَصَبة.

وقال أبو ثورٍ: كلُّ من وقعَ عليهِ اسمُ وليٍّ، فلهُ أن يُنكِحَ.

وهو قولُ محمد بن الحسنِ.

حدَّثنا أحمد بن محمدٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن سلَمةَ، قال: حدَّثنا ابن الجارود، قال: حدَّثنا إسحاقُ بن منصورٍ، قال: قلتُ لأحمدَ بن حنبلٍ: إذا تزوَّجها بغيرِ وليٍّ، ثمَّ طلَّقها؟ قال: أحتاطُ لهذا (١) وأُجيزُ طلاقَهُ.

وقال إسحاقُ: كلَّما طلَّقها، وقد عُقِدَ النِّكاح بلا وليٍّ، لم يقَعْ عليها طلاق، ولا يقع بينهُما ميراثٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "فنكاحُها باطلٌ" ثلاثًا. والباطلُ مَفْسوخٌ، لا يحتاجُ إلى فسخ حاكم ولا غيرِهِ.

وأمّا أبو حنيفةَ (٢) وأصحابُهُ، فليسَ الوليُّ عندهُم من أركانِ النِّكاح، ولا من فَرائضهِ، وإنَّما هو لئلّا يلحَقَه عارُها، فإذا تزوَّجت كُفئًا، جازَ النِّكاح، بكرًا كانت أو ثيِّبًا.

وقال أصحابُ أبي حنيفةَ: قولُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأيِّمُ أحقُّ بنفسها" فيه دليلٌ على أنَّ لها أن تُزوِّج نفسها، لأنَّه لم يَقُل: إنَّها أحقُّ بنفسها في الإذنِ دُونَ العَقدِ. ومن ادَّعى أنَّه أرادَ الإذنَ دونَ العقدِ، فعليه الدَّليل.

قالوا: والأيِّمُ كلُّ امرأةِ لا زوجَ لها، بكرًا كانت أو ثيِّبًا. قالوا: فالمرأةُ إذا كانت رشيدةً، جازَ لها أن تَلِي عقدَ نكاحها، لأنَّه عقدٌ أكسَبَها مالًا، فجازَ أن تتولّاه بنفسها، كالبيع والإجاراتِ. قالوا: وقد أضافَ اللهُ عزَّ وجلَّ، النِّكاحَ إليها بقوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وبقوله: {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}


(١) في ت: "لها".
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٢٤٧، والاستذكار ٥/ ١٩٦. وانظر فيهما أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>